عروبة المنيف
خبران تصدرا هاشتاقات تويتر منذ أيام وكانا أيضاً الأكثر قراءةً، حيث لاقى الخبران اهتماماً كبيراً من وسائل الإعلام سواء المقروءة أو المسموعة، ومن الرأي العام المجتمعي أيضاً نظراً لكثرة الردود والتعليقات عليهما، وقد لفت انتباهي الارتباط الوثيق بينهما. الخبر الأول، يتعلّق برفض أحد أولياء الأمور مهراً لابنته واشتراطه أن يكون مهر ابنته المصحف الشريف، الأب من منطقة جازان، رفض استلام أي مبلغ نقدي من العريس! أما الخبر الثاني، فكان طلب مليونيرة أربعينية تدعى حصة في أحد البرامج، الزواج من أي شخص وإن كان معدداً، فهي لا تريد أن تظلم أعزب! إعلان حصة هدفه إنجاب طفل يؤنس وحدتها على حد قولها، فهي لديها المال وتريد البنين، هي لا تريد مهراً لأنها غنية ولديها الاستعداد لأن تدفع المهر للعريس؛ فقد ورثت عن أبيها المال الكثير، بل ورثت الظلم أيضاً لأنه عضلها بحياته، رافضاً تزويجها، فهي موظفة معتبرها بنكاً متنقلاً استحوذ فيه على راتبها ولم يكن يترك لها سوى الفتات حسب قولها!
كثر اللغط والجدل والتعليق الإعلامي على موضوع حصة وتهافت الكثيرون عليها طالبين الزواج منها طمعاً في ثروتها، ليصبح المال هو هدفهم للزواج منها ووسيلتهم لتحقيق السعادة! أما فيما يخص خبر رفض الأب الجيزاني مهراً لابنته فقد كان التأييد هو السائد كرد فعل للرأي العام على الرغم من أن هناك الكثير من الآباء الذين يرفضون استلام مهور لبناتهم ولا نسمع بهم. من دون شك يعتبر تصرف ذلك الأب ريادياً وله كل التقدير، ونشر الخبر في وسائل الإعلام هو حدث إيجابي، وأن تكرار تلك المبادرات وخروجها للعلن بشكل مستمر يعتبر مؤشراً صحياً يساهم في نشر الوعي من أجل تغيير السلوكيات المتعلّقة بالمبالغة بالمهور وبمتاجرة الأولياء ببناتهم واعتبارهم سلعاً معروضة لمن يدفع أكثر، فالفتاة في هذه الأيام أصبحت أكثر تمكيناً، فهي الموظفة وصاحبة العمل، لديها دخل ثابت حالها حال الرجل، تنفق على نفسها وعلى أسرتها أيضاً، ولم تعد بحاجة لمبلغ من العريس لتجهز به نفسها للعرس، فغالبية الفتيات جاهزات من كل مستلزمات العرس حتى قبل أن يأتي العريس، ومن دخولهن الشخصية، فمن الأحرى أن يدخر الزوج مبلغ المهر من أجل تجهيز عش الزوجية ليهنآ بعيشهما معاً بدون ديون والتزامات، فمبادرات الفتيات وأولياء أمورهن برفض المهور ينبغي أن تأخذ زخماً إعلامياً أكبر كقصة الأب الجيزاني، لنشر الوعي بقيمة الفتاة وكرامتها وبأهمية المؤسسة الزوجية المبنية على التفاهم والود وحماية للشباب من الهروب والزواج من الخارج والتسبب في خسارتهم للثروة الأصيلة «بنت بلدهم»، وفي تفادي ما وصلت إليه حصة المعضولة من مناشدة لمجتمعها طالبة الزواج الذي هو أبسط حقوقها، تلك الصرخة التي أطلقتها حصة تحكي الكثير، تحكي طمع الولي وجوره في فلذة كبده إلى أن فاتها قطار الزواج!
الزواج السعيد لا يُقاس بالمال ولا بمبلغ المهر ولا بالعمر، إنه شراكه أساسها الحب والاحترام المتبادل والقبول والتقدير بهدف الاستقرار وتكوين أسرة صحية جسدياً ونفسياً واجتماعياً. ونستشهد بقول المصطفى «أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة».