د. خيرية السقاف
حين يكون الوطن مختصراً فيكَ, فإنك من حيث تكتظ بالتفاصيل, تكثرُ بالأجنحة..
ولأن رحلة الغوص في آماده العليا كما الغيب الذي يغريك, فإنك تجدك على حين فجأة بين نسيجه حين يفتح لك نحو أعماقه, فتنطلق..
تنطلق تطير بكل الأجنحة التي فيك..
تمتزج بملكوت سرمده الذي لم تكن تدريه..
الذي تعلم عنه لكنك لم تكتشف ذراته..
الذي تحلم به, ولا تستوعب كل جزيئاته بعد..
الذي يعطيك من أسراره ما كنت تجهل منها..
فتأخذك الدهشة إلى أسرارها, والرهبة إلى أعبائها, والمسرة إلى خفقاتها..
حين كلُّ الوطن مِفْصَلاً مِفْصَلاً من جسده فجاءة يصبح أنت!!..
يا لرهبة المسؤولية, وعِظَم التكليف, ورِفعة التشريف..
كنتُ هذا الوطن بأجنحة كلُّ نسائه قبل أيام..
منحني أجنحته, فرش لي آماده, أخذني لأعماقه, زجني في مواجهة حقيقته, وضع على كتفي شِباك مركبه, قال لي: هنَّ الوطن فيك, وأنت كلهن..
حدث في السابع من نوفمبر القائم, الواحد والعشرين من جمادي الأولى, في موسم المهرجان الوطني الكبير «الجنادرية» اليوم الذي غاص في الثرى الذي مشيت على دراته عمري,
أسقيته يقظتي ووجدي, أرسلت إلى فضائه أنفاس صبري, ومداد عيني, مزجت وهج زمني بنسيج حنطته, ونار رغيفه..
رميت كل ذلك في مستودع وقته..
هذا اليوم الذي مضى, اختصرني في جملة واحدة: أن الوطن أكون, وأن النساء كلهن أنا..
شكراً مليكنا الغالي, نصير الوطن نساءه ورجاله..
شكراً ولي عهدنا الطموح صانع النجاحات..
شكراً سمو وزير الحرس رئيس بوصلة المهرجان حامل المفتاح..
شكراً اللجنة الثقافية, وأفراد الفريق العرق الهادر في تفاصيل المشهد..
شكراً لمن خصني بالحديث عني في الندوة, ولمن بسط المزيد في التعقيب, ولمن جاء بحب في المكان, ولمن نشر, ولمن أذاع بحرص في الإعلام, ولمن توهج بود في وسائل التواصل, ولرجل الأمن الدؤوب في كل المسارات, والمواقع, والمواقف..
شكراً لمن ذكرته, أو سهوت عن ذكره دون قصد..
شكراً للوطن, كلَّ الوطن..
فحين نكون الوطنَ يكون «الوسامُ» غالياً,
والآماد واسعة,
والأمانة غيبٌ مُشرَعةٌ مفاجآتُ دهشتِه,
مُلهِمةٌ أبعادُه..
شكراً يا غيباً انبلجت شموسُه!!..