عمر إبراهيم الرشيد
تعد الآثار مصدر دخل لدول عديدة في مختلف قارات العالم، بل إنها مصدر أساسي أو وحيد لبعضها، مثل مصر بأهراماتها ومتاحفها، إيطاليا، المملكة، اليونان، الهند وغيرها. تأسيس الهيئة الملكية لمحافظة العلا إنما هو تمثل لهذه الحقيقة، إذ تعد آثار مدائن صالح بتاريخها الذي يعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام كنزا أثريا هو من نوادر الكنوز في العالم، وهي أقدم من الأهرامات تاريخيا بحكم أسبقية سيدنا صالح عليه السلام - وهو من العرب الأولى - على نبي الله موسى عليهما الصلاة والسلام أجمعين. ولايخفى أن مدائن صالح لم تستغل كموقع أثري ولأغراض سياحية ثقافية واقتصادية، إلى أن جاء قرار إنشاء الهيئة لتكون الآثار في صلب مهامها. ثم تبع ذلك القرار آخر يختص بالتأشيرات السياحية وهي الخطوة اللازمة لتفعيل قطاع السياحة دوليا، وهذا بدوره سيجعل المملكة محطة ثقافية سياحية على مستوى العالم، وهذه ليست عاطفة أو ردحاً وتدبيجاً إنشائياً. فمتاحف العالم غربا وشرقا تعرض قطع صخور لمجرد أنها ترجع قرون عدة، أو أدوات مختلفة أو لوحات ترجع إلى قرنين تزيد أو تقل حسب عهد رسمها، فما بالنا بقرية أو بلدة ضاربة في أعماق التاريخ، ببيوتها وجاداتها ومرافقها الأثرية كمدائن صالح. يأتي بعد تهيئة البنية التحتية للقطاع السياحي الوطني وتهيئة الأماكن الأثرية، تدريب الكوادر الوطنية من خريجي الآثار والسياحة واللغات للعمل في الإرشاد والخدمات السياحية ذات الطابع العلمي والثقافي. ومن ثم تأتي الخدمات المساندة لتخلق وظائف للمواطنين والمواطنات، سواء موسمية أو دائمة، مما يشكل رافدا اقتصاديا وطنيا في العموم. هناك شغف إنساني وفطري باكتشاف الغامض والمجهول من الأماكن والبلاد والآثار، والمملكة من أولها، بحكم تصدرها العناوين دوليا بمكانتها الدينية والاقتصادية والسياسية، وفتح المجال للزيارة السياحية لشعوب العالم سيشكل تحولا في المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، ولا خوف بإذن الله على هوية المجتمع مع زيادة الوعي والتدريب السياحي، وقبل ذلك الاعتزاز بالهوية والثقافة الإسلامية والوطنية. مدائن صالح أهرامات المملكة وثروة وطنية تاريخية ستشكل مصدر دخل وقوة ناعمة للوطن والمجتمع، حفظ الله هذه البلاد الطيبة ورعاكم بكريم فضله.