يوسف المحيميد
حينما قرأت خبرًا فنيًّا وعالميًّا مهمًّا في الجارديان البريطانية، تناقلته الصحف والوكالات العالمية، عن العثور على لوحة الفنان الإفريقي بن إينونو، عبارة عن بورتريه للأميرة النيجيرية، أميرة إيف، أديتوتو أديميلوي، المعروفة باسم توتو، والتي تمثل رمزًا وطنيًا في نيجيريا.. كان قد انتشرت نسخ من اللوحة الأصلية، علقها النيجيريون على جدران منازلهم لعقود طويلة، منذ عام 1974، وفقدت في بريطانيا، ثم أعلن مؤخرًا عن العثور عليها في شقة شمال لندن، حيث اعتبر ذلك الروائي النيجيري بن أوكري بمثابة أهم اكتشاف في الفن الإفريقي المعاصر منذ اكثر من 50 عاماً، واعتبرها قطعة فنية نادرة وثمينة، وهي سبب للاحتفال، وتمثل لحظة تحول محتمل في عالم الفن!.
قصة هذه اللوحة بإيجاز، أنه في صيف عام 1973، أي بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب الأهلية النيجيرية، قابل هذا الفنان النيجيري ذو الشهرة العالمية، الأميرة توتو، وكان متوتراً، فاستأذن رسم صورة لها، وبالفعل رسم ثلاث لوحات لها، فُقدت جميعها، حتى تم العثور مؤخراً على إحداها في لندن، واكتسبت قيمتها التي تقدر بثلاثمائة ألف جنية إسترليني، لتقادمها، ولقيمة الفنان الذي توفي عام 1994، وأهمية الأميرة النيجيرية كرمز وطني، وكذلك الحدث المرتبط بنهاية حرب أهلية طاحنة.
من هنا أتساءل، هل يمكن أن يكون لدينا بن إينونو عربي، عراقي أو سوري مثلاً؟ ينجز لوحة خالدة، تنقل الفن التشكيلي العربي إلى المستوى العالمي؟.. الإجابة إن ما حدث ويحدث في العالم العربي من كوارث وحروب لم تشهد الإنسانية مثلها قط، أصبحت فعلاً مصدر إلهام للمبدعين العرب، فها هو التشكيلي العراقي أحمد السوداني يصنع جدارية مذهلة باسم (بغداد) حظيت باهتمام الغرب وتقديره، لما قدمته من توثيق لحالة المأساة التي عاشها العراق، وربما هناك غيره ممن لم اطلع على أعمالهم، لكن الفنان الذي يصبح شاهدًا على العصر بمنجزه الفني هو من يبقى، ولوحته تلك هي التي تحظى بالتقدير والاهتمام، والترحيب بها في المتاحف العالمية، لأن من أنجزها فنان عالمي كبير، ولأنها تمثل لحظة تاريخية حاسمة، فالفن أو الإبداع بجانب جمالياته وقيمته الفنية العالية، هو لحظة تأمل للحظة التاريخية، وللمشهد الاجتماعي والسياسي الراهن.