د. خيرية السقاف
في المواقف الجليلة, ليس يسيرًا الخروج من الحالة الذهنية للتعبير عنها..
والأكثر صعوبة أن يظن المرء بأن الخروج من الحالة النفسية للهدف ذاته أيسر..
فكلاهما يجتمعان عند نقطة التقاء الفكرة, وارتباطها بالذات..
مأزق أن يعادل المرء موقفه مع من ليست الفكرة عنه, ولا الوجدان يكتظ بها..
ليست الصفة أن الموقف لشخص نرجسي يفكر في ذاته, ويتمحور حسه عن هذه الذات..
بل المأزق هو هذا الوضع الذي صنعه له الآخرون, وزجوه فيه..
فكيف إن كان صنيعهم باذخ القيمة, غيثاً من كرم, تكليفاً بثقة, وفاءً له بما لم يحسب له حسابا,
كرمًا معه من نفوس نقيّة, عطاءً له من مكانة كبيرة, تنبيها عنه لما فعلَ ونسيَ, تذكيراً له بما غرس فأينع؟..
هي حالة بلا شك بالغة التلاحم بين ما في الذهن, وما في الوجدان,
كلاهما كذراع الكمان في يد العازف, في ذهابها, وإيابها تموسق ما لا تعبّر عنه الكلمات,
أو تشير إليه الدلالات,..
إنها حالة تتوالد فيها كل الأشياء مجتمعة حدَّ العجز التام عن تفسيرها, إلا متى يأتي المفتاح, وتنبسط القريحة!!..
هكذا حالتي هي, وأنا أعود إليكم بعد أربعة أيام, زجني فيها موقف «التكريم» الملكي العالي في منطقة من العجز عن الخروج منها, عن التعبير عنها, عن الوصف لها, عن الشكر لها بما يليق بها!!..
حالتي اللحظة وأنا أكتب لكم هي كذلك..
إنها تماماً كذلك الصوت الذي يصدره ذراع الكمان في ذهابه, وإيابه بيد العازف الصامت إلا منه
من ذلك الصوت الحالة بين ما في ذهن العازف, ووجدانه!!..