سلطان بن محمد المالك
بعد التوكل على الله, يذهب الواحد منا للطبيب يشتكي علة في جسده، فإن كان الطبيب بارعًا ومحترفًا ومتمرساً فسوف يشخص المرض بدقة ويصف العلاج المناسب، وإن كان عكس ذلك فسوف يتخبط في التشخيص ومن ثم يصف وصفات علاجية خاطئة (تزيد الطين بله) تسبب مضاعفات للمريض، وللأسف الشديد هذا الأمر ينتشر بشكل كبير بين عينة من الأطباء غير المحترفين. الكلام ذاته ينطبق على الفني والكهربائي والميكانيكي عندما تشتكي السيارة من مشكلة معينة وتشخص بطريقة خاطئة.
حدث لي موقف سابقاً فقد أخبرني السائق بوجود مشكلة في سيارة العائلة عند بداية تشغيلها، وكان اليوم الخميس والوكالة لا تعمل، فاضطررت لأخذ السيارة مع السائق لأقرب ورشة لمنزلي وخرج لي شاب صغير عمره لم يتجاوز العشرين عامًا من دولة عربية قريبة من المملكة، فقلت له أين الفني لكي يفحص السيارة، فقال أنا المختص، فأخبرته بملاحظتي، فقام بإجراء الفحص الأولي للسيارة ومن ثم رفعها على الرافعة، وقال لي لديك مشكلة في قطعة غيار خاصة بتشغيل السيارة وتحتاج إلى تغيير، فقلت هل لديكم القطعة، فقال لا، فأخبرته أنني سوف أبحث عنها في الوكالة وأعود له لاحقًا. خرجت منه مندهشًا من قدرته الفائقة على تشخيص علة السيارة!!! وهو حتى لم يدر محركها، فقلت في نفسي أن هذا مهندس بارع. في الطرف المقابل من الشارع شاهدت ورشة إصلاح سيارات وبدى لي أنها احترافية وفيها عمالة آسيوية ومليئة بالسيارات، فقلت في نفسي ما المانع من أخذ رأي آخر فلن أخسر شيئًا، وبالفعل أوقفت السيارة وحضر لي مدير الورشة من جنسية آسيوية وأخبرته بالعلة فقال، لا أستطيع تشخيص المشكلة إلا من خلال فحصها بالكمبيوتر لمدة ساعة ومن ثم نخبرك، تركت السيارة لديهم وبعد ساعة اتصل بي وأخبرني أن المشكلة تكمن في خلل في طرمبة البنزين في السيارة، وذلك ما تبين لهم من خلال الجهاز وكذلك من خلال الفحص اليدوي، طلبت منه أن يصلحها بأسرع وقت لحاجة الأسرة لها وتم ذلك وعادت السيارة لوضعها الطبيعي بعد إصلاحها. ما الذي سوف يحدث لو سمعت كلام تشخيص الفني الأول، سوف يصلح شيئًا سليمًا في السيارة وسوف يستمر في التشخص ولن يتمكن من إيجاد الحل والسبب أنه شخص غير مناسب وضع في الورشة. هذا الكلام للأسف الشديد ينطبق على الكثير من المنشآت والمؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة، فكثير من مشكلات الأعمال تحدث بسبب عدم مقدرة القادة والمسؤولين على تشخيص المشكلات التي تعاني منها منشآتهم، وذلك من خلال وضع أشخاص غير مناسبين في أماكن لا تتناسب مع إمكاناتهم، ودائماً يكون تشخيصهم للمشكلات خاطئ مما يؤثر سلبًا على منشآتهم دون أن يدرك المسؤول الأول أنه هو سبب المشكلة.