مها محمد الشريف
يبدو أن لغة القوة والتلويح بها في العالم عادة لتسمع اليوم أكثر من قبل، بل أصبحت القوة النووية تحديداً تحدياً كبيراً بين الدول الكبرى وإشارة إلى شكل من أشكال فرض السيطرة العلنية التي تمارسها ضد بعضها البعض وضد المتطلعين للحاق بركب النادي النووي، بعدما أجرت تلك القوى تجاربها على صواريخها البالستية عابرة للقارات القادرة على الوصول إلى أهدافها في البلدان التي تقصدها، فكوريا الشمالية تاسع ترسانة نووية في العالم، وملفها النووي مثار الجدل اليوم وتجربتها النووية الأخيرة مقلقة جداً للعالم عامة وأمريكا وجيران كوريا جميعاً.
يضاف إلى ذلك الدول الثمان الأخرى التي تملك ترسانات التدمير الشامل. وفي هذا المعترك هناك سجال قائم بين الدول وواشنطن ..
وكوريا الشمالية بملفها النووي احتلت المراكز الأولى في الجدل وصدارة التهديدات. بعدما أجرت تجربتها الصاروخية الأخيرة إلى الواجهة، وهذا الترتيب أشبه بحالة قطار سريع لا يتوقف في المحطات بل يقفز من مسافة إلى مسافة ليصل إلى ارتفاع شاهق ثم يسقط بعد أن يفقد سرعته الحقيقية و يكرر المحاولات بتسارع أكبر.
إذا فكرنا مليا بما يحدث اليوم نجد أن قضية السلاح النووي في تصاعد بسبب الخلافات السياسية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية، وأن كوريا الشمالية لا تخفي آمالها في تطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية تصل إلى الأراضي الأمريكية.
لذا، لا يمكن حصر آثار هذه التهديدات على النحو الذي تتطلبه تلك المعاهدات على وجه التحديد بل وضعت المجتمع الدولي أمام عدة خيارات ومنها الحد من خطره بمعاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعتها في عام 1968 قوى نووية وغير نووية بلغ عددها حتى الآن 190 دولة، ولذلك كان منع انتشار الأسلحة النووية وخطرها المحدق بالإنسان، قيد جدال وسياسات متقلبة، ولم تتسم بتعزيزالتعاون الدولي في استخدام الطاقة النووية للأغرض السلمية. بل استمرت في تطوير هذه الأسلحة العمياء التي تفتك بالبشر دون هوادة.
وثمة صيغة مغايرة لما تسعى له هذه الدول في عصر بناء إمبراطوريات نووية تنشر هيمنتها لكي تتسلط على الساحة الدولية. لعلك تلاحظ كلما قرأنا أفكار ترامب وكيم جونغ أون نجدها متشابهة في الطريقة والتعبير وأثبت ذلك استعراض مفهوم الزر النووي، والخطابات النارية والقرارات المفاجئة، والعبارات التحذيرية عن الاستعداد لشن هجوم نووي من جانب واشنطن وبيونغيانغ، وخروجهما إلى الساحة الدولية لاستعراض القوة وجذب عدسات المصورين وتهافت وكالات الأنباء عليهم لنشر تلك الخطابات.
كما أنه من مبررات هذه الرسائل التي تتفرد بالقرارت المصيرية لا يكاد يمضي يوم إلا وتفاجئنا دولة بصناعات جديدة مدمرة أسوة بجيرانها وحليفتها واشنطن، مثلما أعلنت عنه كوريا الجنوبية بأنها طورت «قنبلة غرافيت» سوف تشل أنظمة الطاقة الكهربائية في كوريا الشمالية في حال نشوب حرب.
وهذه الأسلحة المدمرة لها القدرة على تدمير الحضارات والأمم والبيئة فالدول التسع التي تملك أكبر ترسانات نووية حتى الآن بين خطابات محتدمة وتزايد في التوتر وجر العالم إلى مأساة الحرب وزعزعة الاستقرار والأمن.