ياسر صالح البهيجان
تزايدت عروض التخفيضات والخصومات في الأسواق وبنسب متفاوتة، بهدف تحفيز السكّان على الشراء، وزيادة مستوى المبيعات، وهي خطوة تسويقية معمول بها في كبرى المتاجر العالمية، ومشروعة من حيث المبدأ، شريطة أن تكون التخفيضات حقيقية ولا تحمل أي تظليل للمشتري، ولكن من يضمن للمستهلك صدق تلك الخصومات؟.
بعض الجهات الرقابية تطالب من السكّان التبليغ عن أي تلاعبات في التخفيضات والخصومات، وتتناسى أن صلاحيات الفرد المشتري لا تتيح له إمكانية الاطلاع على سجلات المبيعات السابقة وأسعار السلع قبل التخفيضات ليتمكن من المقارنة الفعلية بين الأسعار، ما يجعل دوره الرقابي محدوداً، ولا يمكن أن يعفيها من ممارسة مهامها في عمل حملات تفتيشية صرامة، تدقق من خلالها على حقيقة العروض المطروحة، وتعصم المستهلك من الجشع والاستغفال.
وإن كانت الجهات المراقبة تتعذّر بأن كوادرها التفتيشية محدودة وغير قادرة على متابعة جميع الأسواق وما تقدمه محالها من عروض، فإن المنجزات التكنولوجية تتيح إمكانية تأسيس نظام يُلزم المحلات بإدراج السلع التي تُباع لديها، ووضع الأسعار الحالية لها، وإخطار الجهة الرقابية بأي خصومات مع إعلان نسبة التخفيض ومدة سريانه، وبناءً عليه تُصدر الجهة المسؤولة عن المراقبة قوائم دورية عن المحلات التي تقدم تخفيضات للسكّان، ما يسهل عملية ضبط تلك العروض وتحديد مواقع المحال التي تقدمها، والتحقق من مصداقيتها بدقة وبأقل وقت وجهد.
ضبط عروض التخفيضات له إيجابيات متعددة ليس على مستوى حماية المستهلك فحسب، وإنما أيضًا له مردوده على الاقتصاد الوطني برمته، إذ يحمي مبدأ المنافسة بين المنشآت، ويزيد من مستوى الثقة في الأسواق المحلية، ويحسّن من كفاءة مراقبة السلع والمنتجات، ويحفز المستثمرين الجدد على الدخول إلى السوق السعودي في ظل وجود نظام حماية متين ومتكامل، ويكافح ظاهرة الجشع والتلاعب بالأسعار وممارسات الغش التجاري.
أتمتة الأنظمة وتحويلها إلى نظام رقابة إلكتروني حل أثبتت التجارب الدولية كفاءته، حيث لا يمكن للجهد البشري بمفرده أن يحتوي حجم الاتساع الهائل في التعاملات الشرائية اليوميّة، كما لا يمكن جعل ذلك الاتساع مبررًا للإهمال، لذا لم يُعد هناك سبب وجيه لتأجيل الاستفادة من التطورات التقنية إلى أقصى حد، وتوظيفها لخدمة المجتمع وحفظ حقوقه المالية.