تركي ناصر السديري
الراصد للمشهد الرياضي السعودي، يتيقن أنه يشهد حراكاً محموماً، ينفض حال وأحوال الرياضة السعودية التي عاشت ردحا من الزمن في أتون التقليدية والسكون والسكينة، التي بالكاد تُحدث تجديداً، وإن فعلته رضوخاً لمسلمات متغيرات لا حول والقوة لها فيها، فإنها تأتي مترددة تقدم قدما وتؤخر أخرى، وفِي اللحظة الأخيرة، وربما بعد فوات الأوان.
لكن الذي يحدث الآن للرياضة السعودية، في حقبة الملك المجدد سلمان بن عبد العزيز، سباقاً مع الزمن، للتجديد والتطوير وتشييد مرحلة جديدة، لرياضة حديثة، لواقع حضاري مختلف، مواكب ومستجيب لمتغيرات المجتمع السعودي الراهن / الحديث.
انه يمهد لميلاد نهضة رياضة سعودية، ذات تواجد فعال، تؤسس لرياضة ككائن حيوي في حياة ومعاش المجتمع السعودي أفقيا ورأسيا، أفرادا وتكوينات، تجعل للرياضة السعودية قيمة حضارية وتقنية واقتصادية وتربوية وإنسانية تساهم في تشكيل الرياضة العولمية المعاصرة، وتحقق حضورا مشرفا لرياضة جزيرة العرب السعودية.
نعم.. رياضتنا السعودية على مشارف تأسيس «بستان الرياضة النظيفة» المتحضرة.. والمنافسة بثقة وطموح.
***
تفرح، للذي يحدث، لهذا الذي يشبه الحلم، وما ألذه من شعور يتلمس ويعاين ما صار بعض منه فعلياً حقيقة وواقعا، وبقية أخرى كثيرة تتأكد من تدشين ورشة إنجازه، أو توضع لها اللمسات الأخيرة لإطلاق إنجازها.
تزداد ثقة بتحقيق نهضة رياضة عارمة وقد باتت الرياضة السعودية تمتلك رؤية تمدد أفقها إلى تجهيز المستقبل القريب والبعيد، وتهندس واقعه ببصيرة خلاقة تضع حداً، للعمل التقليدي غير الجسور في اتخاذ الخطوات الشجاعة نحو التغيير والتجديد والتطوير والذي جعله غير قادر على تحقيق المشروع الرياضي المنتظر، وليس إعادة إنتاج السابق والمألوف.
***
هذا الحراك الرائع، يقوده المستشار تركي آل الشيخ، الذي حظي بثقة ودعم القيادة السامية، واستطاع خلال شهور أن يقدم إنجازاً معاينا ومتواجداً، كنّا نظنه بعيد المنال، أو من بضاعة ما اعتدنا أن تكون مجرد وعود خطابية للاستهلاك الإعلامي..
يكفي أن أشير إلى حدثين تاريخيين.. نتنفس رائحة بهجة حدوثهما، وفرحة وتباهي وجودنا كشهود عيان لزمان ومكان حدوثهما، والذي سيحتفظ تاريخ الرياضة السعودية بهما.. أبد الدهر.
الأول: تأسيس اتحاد للشطرنج، وإقامة بطولة العام للشطرنج على كأس الملك سلمان.
الثاني: تأسيس الرياضة المجتمعية، وتدشين رياضة نسوية ممارسة ومشاركة في الداخل السعودية ووفي ميادين التنافس الرياضي القارية والدولية.
أيضاً، تمكين العائلة السعودية من حضور المناسبات الرياضية في الملاعب والميادين الرياضية.
إنجازات عديدة ومتعددة شهدتها الرياضة السعودية الذي بات أكثر حيوية، والموارد بواقع أكثر إشراقاً.
يحمد في تحقيق هذه الإنجازات، لحماس رئيس هيئة الرياضة أ. آل الشيخ، الذي أثبت أنه قيادي شجاع ومقدام، لا يكل ولا يمل من العمل، والمضي إلى أقصى ما يستطيع لتأسيس رياضة سعودية أكثر حداثة وتجديدا.. وطموحا.
قد لا أكون متفقاً مع بعض ما يفعله رجل الرياضة السعودية الأول فيما يتعلق بـ (شؤون كرة القدم)، وإن كنت أعلم أنها من مسئوليات اتحاد الكرة الذي يتضح يوما بعد آخر، انه جاء في الوقت غير المناسب لمرحلة جديدة لم يستوعب متغيراتها.. بعد.
ولهذا الجانب حديث، في مقال قادم.
***
أمام معالي المستشار أ. تركي مهمة حيوية لا أدري لماذا تأخرت: إعادة صياغة بنية هيئة الرياضة هيكلياً، لتمكين المؤسسة الرياضية من إدارة شئون رياضة جديدة ومتجددة، لا أظن أنها في حالتها الهيكلية إداريا وكوادر قادرة على مواكبة ذلك.
إن وجود مركز للدراسات والأبحاث أمر ملح، لا يجوز تأخيره، ومن السلبية عدم تواجده في قطاع حيوي ومتغير كالرياضة والشباب، تحتاج لوعاء يعين المسئول بالمعلومة واستقراء الراهن استبصار المستقبل.
لا بد من ضخ العلمية في شرايين منظومة العمل الرياضي منهجا ووسائل وكوادر، لنضمن حسن الأداء، وكفاءة الإنجاز، وهذا عمل شاق، وسيواجه بمقاومة من حراس العمل التقليدي الذين لا يريدون أن يتغير شيء.
من أهم خطوات تجديد بنية المؤسسة الرياضية إيجاد أوعية علمية تمدها بالكفاءات، المؤلم للعمل الرياضي وفق المعايير العلمية، من خلال مخرجات كليات وأكاديميات رياضية يفترض أن تستحدث، وإعادة صياغة وتجديد ما هو موجود في الجامعات التي لا زالت تعيش ركودا وتقليدية سلبية جعلها عاجزة عن التفاعل والمشاركة مع منظومة الرياضة السعودية، فكل ما فعلته وتفعله: تخريج معلمين تقليديين للتربية البدنية يصلحون للتدريس في حقبة الخمسينيات..
ليت هيئة الرياضة الجديدة تتبنى حوارا رياضيا تدعو إليه المتخصصين الأكاديميين في علوم الرياضة في المملكة وأصحاب الفكر الرياضي والمهتمين بشئونه وشجونه لتستمع وتتعرف على أكبر قدر من الآراء والمرئيات والأطروحات والأفكار المعنية بوجود وتواجد الرياضة السعودية ممارسة ومنافسة.
لنجعل الحوار شريكا مشاركا ومساندا، وأن لا نكتفي بالغرف المغلقة.
دعواتنا لربان الرياضة السعودية الحديثة بالتوفيق والنجاح في مهمته العظيمة.
شكرا لقائد المسيرة الملك سلمان، وعضده الأمين الأمير محمد بن سلمان.