د.عبدالعزيز الجار الله
الجنادرية التي بدأت عام 1405- 1985هـ كانت في بدايتها الأولى معرضا مرافقا لسباق الهجن السنوي حيث كان الاحتفال للسباق فقط، لكن ولدت فكرة إحياء التراث الشعبي العيني والصوتي والحرف والمهن والتراث الذي له (200) سنة ومادون، ودعم الأنشطة الثقافية ضمن هذا الإطار، والمسيرة طويلة من الأولى 1985م إلى 2018م التي تقام هذه الأيام فكل شيء تغير تماما سوى المكان والتسمية المهرجان الوطني للتراث والثقافة، حتى الشخصيات تغيرت والوجوه وحتى الزوار الذي جاؤوا في المرة الأولى وهم على رأس الخدمة يأتونها اليوم وهم على نهاية الخدمة الوظيفية بعد مشوار تجاوز (30) سنة.
لكن ما الذي تغير من عام (85) وحتى الآن، كانت دول الخليج وهي من المشاركين في المهرجان تعيش على أزيز طيران الحرب المشتعلة شمال الخليج في عز اشتعالها مابين العراق الذي يدافع عن البوابة الشرقية للعرب وبين إيران التي تنوي تصدير ثورتها الشيعية للخليج والوطن العربي، فكانت الجنادرية التي لتوها تبدأ ترسم لنفسها مستقبلا يعمل على إحياء التراث وأصالة الماضي وتعزيز الثقافة التي أصبحت المحور الرئيس في حياتنا خلال السنوات التي تلتها حيث غاص المجتمع في تيارات: الحداثة والصحوة والتيارات الأخرى الأشد عنفا التطرّف والإرهاب والأحزاب المنحرفة والدول المارقة. حتى إلى ما انتهينا إليه من حروب الثورات الأهلية بما يعرف بالربيع العربي.
هذا هو الخط السياسي والثقافي والاقتصادي الذي سارت عليه الجنادرية لكنها خلال مسيرتها لم تغرق في هذه الفجوات والصداع والمطبات وإنما حاولت المعالجة والحلول دون أن تكون لها أيديولوجيا أو أجندة خفية أو معلنة للصراع سواء في الداخل أو خارج الوطن، وهذا الحياد الإيجابي والآمن أكسب الجنادرية احترامها خلال مسيرتها الطويلة، وأعطاها الصورة الأكثر مصداقية بين المهرجانات العالمية، مما مكنها خلال أكثر من (30) سنة في تنامي وتصاعد قدمت فيها كل أشكال الثقافة والفنون، وعكست صورة إيجابية عن المملكة وشعبها وعراقة أرضها التي وصفت بالصحراء المنتجة.