محمد خالد الخنيفر
استكمالاً للتحولات الاقتصادية الإصلاحية التي تشهدها بلادنا، منحت القيادة الضوء الأخضر لبزوغ قنوات تمويلية جديدة، سيتم تطبيقها لأول مرة في تاريخ المملكة لصالح الأمانات والبلديات، وذلك عبر تمويل المشاريع التنموية التي تمس سكان المدن عبر أسواق الدَّين الدولية والمحلية. فقد صاحب حدث إعلان الميزانية صدور مرسوم ملكي، يمهد الطريق لـ»صكوك أمانات المناطق»، وذلك تحت غطاء «الضمان السيادي».
وكما ذكرت في مقابلة «ديبت واير» البريطانية، فإن تلك الخطوة تُعد حدثًا جوهريًّا، ليس «للسوق السعودية والإقليمية فحسب، بل إن نطاقها يصل إلى أسواق الدَّين الناشئة»، كيف لا وإصدارات مملكتنا الدولارية من أدوات الدَّين قد استحوذت هذه السنة على 10.7 % من إجمالي قيمة الإصدارات السيادية الخاصة بالأسواق الناشئة.
المرسوم الملكي
وأشار المرسوم الملكي إلى تفويض وزير المالية في شأن تغطية عجز الميزانية العامة للدولة بما يأتي:
ج- إصدار الضمانات الحكومية للأجهزة الحكومية والأمانات والبلديات، والمؤسسات العامة وما في حكمها الملحقة ميزانياتها بالميزانية العامة للدولة لدعم الاقتراض الخاص بهذه الجهات وما تصدره من أدوات دين وصكوك. على أن يراعى - من أجل رفع كفاءة إدارة الدين العام - ما يأتي:
1 - لا يحق للأجهزة الحكومية والأمانات والبلديات، والمؤسسات العامة وما في حكمها الملحقة ميزانياتها بالميزانية العامة للدولة، الاقتراض أو إصدار أي نوع من أدوات الدَّين، أو إصدار الصكوك بأنواعها، أو إصدار أي ضمانات حكومية، إلا بعد موافقة وزارة المالية.
2 - لا يتم دعم الجهات الأخرى غير الملحقة ميزانياتها بالميزانية العامة للدولة، ولا إصدار ضمانات حكومية بشأن ما تقترضه من مبالغ، سواء من خلال الحصول على قروض أو إصدار أداوت دين وصكوك أو أي وسيلة أخرى من وسائل الاقتراض، ما لم تصدر موافقة خطية من وزير المالية.
الدور التنظيمي
مكتب الدَّين العام سيلعب دورًا جوهريًّا بهذا المشروع الوطني؛ إذ سيناط به مسألة مراجعة الطلبات التي ترده من الجهات التي شملها المرسوم الملكي، وتحديد ما إذا كانوا مؤهلين للحصول على الضمان السيادي. وبذلك السعودية تتلافى أخطاء الدول الأخرى التي شرعت باب الاقتراض لمدن عدة؛ الأمر الذي ساهم في إفراط تلك الأقاليم في الاقتراض المفرط (مثل الصين)؛ لذلك من وجهة نظري إن الموافقة على تقديم الضمان تعتمد على ما إذا كان المشروع التنموي لدى الجهات معتمدًا في موازنة 2018 من عدمه. أضف إلى ذلك أن مكتب الدَّين سيلعب دورًا مهمًّا في الجانب التنظيمي والتنسيقي لسوق أدوات الدَّين بالمملكة. والغاية من ذلك تتلخص في رفع كفاءة إدارة الدين؛ وذلك من أجل عدم «المسارعة» على السيولة المصرفية الفائضة. حتى الآن لا نعلم إذا ما كانت ستصدر تنظيمات تشريعية لمسألة إصدار أدوات الدين الخاصة بأمانات المناطق والبلديات. وحتى الآن لا نعرف ما إذا كان الضمان «جزئيًّا» أو «كاملاً».
للتاريخ
* تملك الولايات المتحدة الأمريكية أضخم سوق في العالم لسندات البلديات، التي يسمونها (Munis)، ويبلغ حجم السندات الصادرة من هذه الفئة 3.8 تريليون دولار (مما يظهر اعتماد الولايات بأمريكا على مثل هذه السندات في دعم التنمية).
* في حين يرجع تاريخ أول سندات أمريكية لصالح مدينة نيويورك في 1812، وتم استخدام متحصلات الإصدار من أجل بناء قناة مائية.
* أما في صناعة المال الإسلامية فإنه تم إصدار صكوك لصالح مدن بأوروبا وآسيا. أولها كان في 2004 عبر ولاية ساكسونيا الألمانية، وبعدها صكوك مدينة جوهور الماليزية.