يُعد شعر الهايكو واحدًا من أهم أشكال الشعر الياباني، عبارة عن قصيدة قصيرة تمثل لحظة التنوير التي تسمى ساتوري لدى اليابانين، تحاول التعبير عن البهاء الكامن الموجود في الحياة ويحضر فيها جلال الطبيعة والمظهر العابر للإنسان ومشاهداته الحسية والبصرية المشهدية حسب تماهي الشاعر مع الطبيعة والذوبان فيها والقبض على اللحظة، وتتكون من مقاطع صوتية السطر الأول خمسة مقاطع والثاني سبعة مقاطع صوتية والثالث خمسة مقاطع يغذي كل واحد منها الآخر، وهي تعتمد على التكثيف والاختزال اللفظي بعيدة عن المحسنات البديعية والمجاز بمعنى التحرر من أثقال البيان لصالح زوايا جمالية جديدة. لكن الشاعر العربي يجنح للمجاز أحياناً، الشاعر العربي يجد صعوبة بالالتزام بالمقاطع نظراً إلى الفرق بين اللغتين العربية واليابنية. والهايكو من منظور الشاعر الياباني باشو هو التعبير عن التأمل والتناغم مع العالم الكبير وقد تجاوز باشو ملكة المحاكاة للطبيعة إلى ملكة التفكير، حيث امتزج مع أزيز الهايكو في صومعته حيناً من الدهر، سعى الشعراء العرب لتأصيل هذا الجنس الأدبي القادم في لغتهم لتأخذ طابع الخصوصية والبصمة المتفردة، فرابطة الهايكو العربي ورابطة الهايكو الحر أكبر ملتقى، وكذلك المشاركة العربية في مؤتمر ندوة الهايكو العلمية بارما الإيطالية والذي مثل العرب الشاعر المغربي سامح درويش والشاعر العراقي عبد الكريم كاصد. وسوف تستظيف المغرب المؤتمر الثاني عشر وهذا دليل على حضور الهايكو العربي على المسرح العالمي، نماذج من قصيدة الهايكو
*أيها العنكبوت الصغير هل سيمتد بك العمر أكثر مني؟
*جندب الحقل يحرس البيدر ليل بارد
*النسر يحلق فوق المراعي الخضراء جناحاه أفق
*بركة صافية العصافير تحلق في الأعماق
إذاً قصيدة الهايكو تمتلك مقومات البقاء وله جذوره الضاربة في الأصالة المستمدة من ثقافة المكان، سحره وجماله اللغوي جذبني إليه بالصدفة لم يكن بالبال أن تتفتح مداركي الأدبية وتنساق لهذا الوهج الذي وصل الساحة الأدبية العربية مبكراً 1960 ميلادي على يد الأديب السوري محمد عظيمة المقيم في اليابان، ها نحن نشاهد اليوم شعر الهايكو بكثافته المدهشة وآنيته ومشهديته منتشراً في كل بقاع المعمورة، وإذا أردنا أن نكتب هايكو باللغة العربية فلا بد أن يعكس خصائص لغتنا العربية ويعكس حضارتنا الجميلة وتراثنا الأدبي.
** **
- عبدالله الأسمري