سمر المقرن
وأنا أقرأ عن فلم سعودي ينال شرف تدشين دور العرض بالمملكة، فرحت كثيراً لأن تتبلور صناعة السينما السعودية التي أبدع فيها شبابنا من الجنسين طيلة سنوات برغم عدم وجود صالات عرض سينمائية. لكن استوقفني أن الفنانين المشاركين بالفلم معظمهم ليسوا سعوديين، ويظهر أنه لا يوجد بينهم سوى سعودي واحد في البطولة، تذكرت وأنا أضحك تلك الأيام القديمة عندما كانت القناة الأولى تشترط على بعض الدول العربية ألا تشتري منهم المسلسل إلا إذا كان يشارك في تمثيله فنان سعودي. في نظري أن صناعة السينما السعودية في الوقت الحالي سوف تواجه إشكالية صناعة الفنان، لأن العدد يعتبر قليل جداً والوجوه هي الوجوه لا تتغير عندما نراها مع المسلسلات الخليجية المشتركة.
ما يدور في ذهني حالياً، هو الحاجة إلى صناعة الفنانة والفنان السعودي، صناعة أكاديمية علمية لا تقوم على الموهبة فقط، لذا في الفترة الحالية نحتاج إلى فتح أبواب الابتعاث لدراسة التمثيل حتى نستطيع مواكبة التطوّر الذي يرتقي بالسينما، إلى أن يتم التجهيز لفتح أقسام في الكليات والجامعات لدراسة هذا التخصص، وحبذا لو تم فتح معهد متخصص للسينما يحتوي على كافة الأقسام الفنية التي نحتاجها لصناعة السينما من تمثيل وإخراج ومونتاج وكتابة سيناريو وغيرها من الأقسام التي نحن بحاجتها لنرتقي بالفن عامة والسينما بشكل خاص.
بصدق أتحدث، أن الفن السعودي ما زال مجرّد محاولات أثرتها الهواية وساهمت قنواتنا القوية في التسويق لبعضها وتقديم الدعم الكامل لنجاحها، لكنها تظل محاولات فردية قليلة وموهبة غير مدعومة بالتخصص العلمي، لذا أتصوّر أن مثل هذه التخصصات سوف تصقل المواهب بطريقة علمية وفنية، كما أنها سوف تفتح الأبواب لعمل بناتنا وشبابنا في صناعة الفن والسينما على أسس علمية متينة، لا تقل عن التجارب المصرية والسورية التي نجحت وقدمت الكثير للشاشة العربية، بل إن لدينا من الإمكانات ما يجعلنا نتفوق ونبدأ من حيث ما وصل إليه الآخرين، كما أن وجود هذه التخصصات سوف يُشكّل ثقافة مجتمعية جديدة تنظر للفن بشكل مختلف عن نظرته السابقة التي أنهكها التقليل والتجريم للفن وأهله!