فهد بن جليد
علَّقت وزارة الصحة مشكورة على مقالي يوم 27 يناير المعنون بـ(من ينصف المرضى من صمت الأطباء)، وكيف أنَّها بدأت العمل مؤخراً بمُبادرة (كلنا مسؤول) التي ستُفعَّل في مستشفيات بعض مناطق المملكة كإحدى خطوات التحول إلى تجربة المريض, والاستماع إلى مشاكله, وزيادة الألفة بين مقدمي الخدمة ومُتلقيها، وتفعِيل دور لجان حقوق المرضى, بتنظيم لقاء كل 3 أشهر من قبل إدارة حقوق وعلاقات المرضى في كل منشأة طبية, من أجل أن يشعر المريض بقرب المسؤول وإمكانية حل المُشكلة وسرعة الإنجاز واختصار الوقت والجهد ...إلخ ممّا احتواه رد الإدارة العامة للتواصل والعلاقات والتوعية بالوزارة من كلام جميل ورائع يترجم تلك الجهود التي يبذلها وزير الصحة وفريقه من أجل راحة المريض ومنحه كل ما يحتاج ويستحق من الرعاية التي كفلتها له الدولة -أعزها الله- وهنا جهد يشكر ويذكر فيما يخص وضع قنوات جديدة للتواصل بين المريض والمسؤول.
ما كنتُ أتحدث عنه تحديداً هو (صمت الأطباء مع مرضاهم) هذه الثقافة التي بدأت تظهر في عياداتنا, وعلينا مواجهتها مبكراً بكل شفافية قبل أن تنتشر أكثر, لنفقد معها نموذج الطبيب الذي يخبر المريض بنتائج الكشف والتشخيص كحق من حقوق المريض لمعرفة الخطة العلاجية والموافقة على خطواتها إذا ما استدعى الأمر, ومعرفة الآثار العلاجية, بدلاً من مجرد التوقيع على نماذج موافقة وإقرار كإجراء روتيني مُتبع, خصوصاً وأنَّنا لم نقم بحماية هذ الحق للمريض وتوعيته في الأصل بوضع لوحات إرشادية حول تجويد الخدمة وتقييم الطبيب المُعالج, فكم هي نسبة المرضى الذين يعلمون بأن صمت الطبيب داخل العيادة غير قانوني, وأنَّ عدم تقديمه شرح مُبسط للحالة وخطوات ومراحل العلاج لا يتسق مع تلك الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة لخدمة أفضل.
بزيادة الاطلاع والمعرفة, وسهولة الحصول على المعلومة الطبية وطرق العلاج لغير المُتخصصين, بات المريض المُتعلم شريكًا رئيسًا مع الطبيب المُعالج, وهو ما يزيد الثقة بين الطرفين ويسهل ويعجل من نجاح خطة العلاج, إذا ما استخدمت هذه المعلومات بشكل إيجابي ووفق تعليمات وإرشادات الطبيب, ولكن ماذا عن الشريحة الأكبر من مراجعي المستشفيات من كبار السن والنساء والأطفال, الذين لا يعرفون من الطبيب إلا (روشتة العلاج) لصرفها من الصيدلية والتعامل مع الوصفة, كيف يمكن أن نوعيهم ونمنحهم حقوقهم كاملة؟ وقبل ذلك لا يجب أن نتوقع (تغذية راجعة) حول مشاكل ومعاناة هؤلاء لتجويد الخدمة, دون أن نسهِّل لهم وسائل وقنوات التواصل, ونضمن لهم عدم تأثر خطتهم العلاجية في حال أبدو تلك الملاحظات.
من الكلمات الجميلة التي بدأ بها الدكتور توفيق الربيعة يوم عمله الأول في الوزارة «إننا نعمل على صحة الناس وسلامتهم, وهذا بالتأكيد من أصعب المهمات ونحتسب الأجر ونسأل الله التوفيق في العمل الذي نقوم به» كم تمنيت رؤية هذه العبارة أمام كل طبيب وداخل كل عيادة.
وعلى دروب الخير نلتقي.