سعد بن عبدالقادر القويعي
في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، والتي تتطلب العمل بجد، واجتهاد؛ لتحقيق مبدأ الوسطية، يؤكّد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للكتاب، والسُّنَّة - الشيخ الدكتور - محمد بن عبدالكريم العيسى، أن: «الهدي الوسطي المعتدل، والذي يتجلّى من خلال نصوص وحيهما رحمة الإسلام للعالمين، هو السبيل في مواجهة المدّ المتطرّف الذي حاول الإساءة لنصوص الشريعة، وتحريف دلالاتها»، وأزيد على تصريح معاليه، بأنها البوصلة التي ستحدد تجاه الفعل الإنساني الحسن، وتسدد الفكر، والسلوك، والمواقف، والبحث عن الأرضية المشتركة في الجمع بين قضايا الدين، وحوائج الدنيا، ودمجها، والرفع من فاعليتها في الواقع؛ من أجل الحرص على جلب المصالح، وإنجاز البدائل، ومراعاة انسجامها، وسلامتها مع المنهج العام.
تبدو الحاجة ملحّة - اليوم - لتأصيل مبدأ الوسطية، وغرسه في نفوس الشباب، وتقديم الإسلام في صورة إيجابية، والذي لن يتأتى إلا بتعزيز الوسطية في ثقافتنا الوطنية، وتعزيز روح المواطنة، والانتماء للوطن . فالأخذ بأسباب الوقاية يوفر علينا الكثير من العلاج، وذلك من خلال الدور - التعليمي والتوعوي -، والدور الوقائي، والدور التصحيحي؛ باعتبار أن الوسطية في جوهرها تتمحور حول فهم دين الإسلام بالتصور الشمولي الذي ينتظم مناحي الحياة، وإقامته على العدل الذي قامت عليه السماوات، والأرض.
من جانب آخر، فإن العقل السليم للمنهج الوسطي الذي هو منهج الشريعة، يتمثَّل - كما يقول أهل العلم المعتبرون - في الفهم الشمولي، والسليم للإسلام، والتمييز بين معالم القطع، والظن في الأحكام، وضبط قضية الولاء، والبراء - مفهومًا وممارسة -، وتنمية الوعي بدور المسلم الداعية، واتصافه بسمات الناصح الأمين، وتمييز حدود الفرد، وهو الشأن الذي يكون ردًا على مدعي الوسطية ممن لا ينتمي إليها، وتلك - بلا شك - تمثّل قراءة واعية، وتطبيقاً راسخاً، وتأكيداً مشرّفاً، ونظراً ثاقباً لمن أوتي فهماً صحيحاً لمقاصد الدين، وإبراز صور الإسلام، ومعالمه الحقيقية - فكراً وثقافةً وسلوكاً - على صعيد الفرد، والمجتمع، والدولة، والأمة.
إن تبني الخيار السلمي الحضاري في التعاطي مع الواقع، يستدعي النطق بالحكمة، والموعظة الحسنة، والموضوعية في البحث العلمي، والتفكير الناقد، والحوار المقنع مع الآخر، ومد الجسور مع كل مكونات المجتمع، والعلاقة مع غير المسلمين، والوعي للمؤثرات، والاتجاهات العالمية، ومن ثم ستتبين آثاره الإيجابية في ترشيد الاجتهاد في النوازل، والمستجدات الفقهية المعاصرة، واستنباط الحكم الشرعي الملائم لها، والمعبر عن مقاصد الشريعة الإسلامية؛ وفق قواعد محكمة لا إفراط فيها، ولا تفريط .