زكية إبراهيم الحجي
انتقال التعليم من الكم إلى الكيف ومن النمط التقليدي المتمثل في «المعلم يُعلم والمتعلم يتعلم» ما زال تحدياً صعباً يواجه نظام التعليم العام وما زالت إدارة العملية التعليمية التي تقتضي بتغيير دور المعلم تغييراً جذرياً ليدخل بمغامرة الشراكة مع المتعلم تشهد قصوراً رغم توفر الإمكانات الكبيرة التي تدعمها الدولة مادياً بشكل سنوي من خلال ميزانيات هائلة تُخصص للتعليم لبناء نماذج عقلية تتميز بقدرتها على الانخراط مستقبلاً في مجالات التنمية.
في ضوء الانفجار المعلوماتي الهائل الذي يشهده العالم وتماشياً مع المتغيرات التي تواكب ثورة المعلومات فقد أصبح من الضرورة إعادة التفكير ومراجعة المناهج والخطط التعليمية وتطوير المعلم بهدف إعداد أجيال تمتلك مهارات المعرفة العلمية التي تساعدهم على التواصل والانخراط في مجتمع الاقتصاد المعرفي الذي أخذت الدولة على عاتقها الاعتماد عليه ضمن رؤية 2030.
وفي عصر يتسم بالتنافس المعرفي والاعتماد على رأس المال البشري.. أصبح من الضروري الإلمام بكل ما هو جديد في مجال التعليم ووضعه موضع التنفيذ لا سيما أن العالم يشهد قفزات نوعية وكمية في جميع مجالات الحياة وبالتالي فإن البقاء على الأساليب التقليدية المتبعة في مدارسنا اليوم لم يعد مقبولاً وسيوجد هوة واسعة في بعض الجوانب بيننا وبين العالم المتقدم.. وستبقى مدارسنا تواجه تحدياً فيما يخص الانتقال من التعليم إلى التعلم ومن الكم إلى الكيف إذا لم تسارع وزارة التعليم إلى إجراء تخطيط إستراتيجي يهدف إلى تطوير قدرة الطلاب على التعلم من أجل مجتمع المعرفة.
إن مساعدة المتعلم على «الكيف» بمعنى كيفية التعلم يُعد هدفاً أساسياً للتعليم حيث من خلالها يكتسب الطالب مهارات معرفية تمكنه من توجيه عملياته العقلية واستراتيجيات تعلمه نحو الهدف التعليمي ذاتياً ومعتمداً على نفسه في اكتشاف المعرفة واكتسابها وبالتالي يصبح قادراً على إصدار الحكم بشأن طريقة تعلمه متحملاً مسؤولية قراراته.
إن إستراتيجية التعلم المعرفي الفعال تنبثق من مضامين نظريات معرفية انطلقت من رؤية تركز كثيراً على تقليص دور التلقين والحفظ والتسميع وإعطاء الدور الأكبر للطالب في توجيه تفكيره وعملياته الذهنية مع إبراز دور الفهم عند الطالب.. قد يتساءل البعض لماذا التعلم الذاتي النشط يحظى باهتمام بالغ في مدارس ومعاهد العالم المتقدم؟
إجابات متعددة على هذا السؤال فهو عدا كونه عمادًا للاقتصاد المعرفي المتداول في الدول المتقدمة فإنه يمثل توجهاً لطلبة عصر ثورة المعلومات.. طلبة يختلفون عن أسلافهم من الطلبة السابقين.. طلبة لديهم توجه أكبر نحو التقنية الحديثة ونحو بيئة تعليم وتعلَّم تعتمد على التعامل السريع والفعال مع أدوات ملائمة للتعلم الذاتي النشط وكمٍ لا محدود من المعارف.
مما سبق يتضح أن منظومة التعليم بحاجة إلى تطوير شامل لأساليب التدريس من أجل إحداث تطوير في تعلم الطلبة وتحقيق الأهداف التي تركز على دعم وبناء معانٍ علمية تحمل بين طياتها إنجاز أهداف تنموية نسعى إليها جميعاً.