فهد بن جليد
السابع عشر من مارس المُقبل هو الموعد المُحدَّد لقصر العمل في مكاتب تأجير السيارات على السعوديين فقط، أكثر من 1400 شركة تأجير تقريباً العمل فيها الآن جارٍ على قدم وساق من أجل توظيف الشباب السعودي في كل فروعها المُنتشرة حول المملكة، واستقطابهم بمتوسط رواتب يتراوح بين (4500 ريال - 6500 ريال شهرياً) تشمل بدل السكن والمواصلات, لساعات عمل مكتبية لا تتجاوز الـ8 ساعات، كُلنَّا مع هذا القرار وخلف هذه الخطوة لخلق المزيد من الوظائف, ولكن ما الذي يحدث فعلياً على الأرض الآن؟!.
كل ما اقتربنا أكثر من غرة شهر رجب (التاريخ المُحدَّد للتوطين) شعرنا بأنَّ هذا القطاع يعيش المزيد من التحديات, فما يتردَّد بين أوساط العاملين فيه من (غير السعوديين) وعلى مسامع المُلاَّك أنَّ الوزارة ستمنح مهملة إضافية لأصحاب هذه الشركات، الذين يرتبطون بعقود تمويلية وأقساط شهرية وديون مالية, ولا يمكن أن يتركوا وحدهم يواجهون هذا المأزق، مع توقعات بأنَّ مشروع التوطين سيتم بشكل تدريجي أسوة بما حدث في قطاع الاتصالات من قبل - وهذا كلام مُحبط، لا يتوافق مع تأكيد الوزارة بأنَّها ماضية نحو التوطين بكل قوة في التاريخ المُعلن - ونحن معها في هذا التوجه الشجاع من أجل تغيير المشهد في سوق العمل, التحدي الآخر هو تسرّب السعوديين المُعينين حديثاً في هذه الوظائف خلال فترة السماح والتدريب بعد فترة بسيطة من التعاقد وخلال مدة التجربة وهي ظاهرة ملحوظة, نتيجة إمَّا عدم تفاعل بعض العاملين (غير السعوديين) مع هؤلاء الشبان, وعدم تدريبهم أو الترحيب بهم لمنحهم الثقة والخبرة اللازمة كما يجب, وتهيئتهم لاستلام المهام والعمل كاملاً خلال الـ36 يوماً المُقبلة, وتعريفهم بأصوله وضوابطه- وهو سلوك متوقع وطبيعي- يحتاج لتفهم وتدخل جاد من أصحاب هذه الشركات للحفاظ على أعمالهم وضمان انتقال سلس لهذه الوظائف بمنح الشباب المزيد من الثقة, وإمَّا أنَّ هناك منافسة بينية شديدة بين مكاتب التأجير نفسها في استقطاب الشبان الجادين - كعملة نادرة كما يرى البعض- بمنحهم ميزات أفضل لجذبهم خلال هذه الفترة.
قصر العمل في هذا القطاع على السعوديين لن يجلب لنا الوظائف فقط, بل هو خطوة عملية وجادة لغربلة هذه الشركات وإبقاء الجادة والمؤهلة منها لصالح هذه الصناعة واقتصاد الوطن في نهاية المطاف, فكما أنَّ الباحثين عن عمل سعوديين ومن حقهم على الوزارة توفير المزيد من الفُرص أمامهم, فإنَّ أصحاب هذه الشركات بكل تأكيد هم مُستثمرين سعوديين كذلك على الوزارة ضمان استقرارهم وسلامة مواقفهم المالية حتى لا ينتقلوا للسجون كما يتخوف البعض منهم, شريطة البعد عن خيار السعودة وعدم طرحه للنقاش مُجدداً, وإظهار وكأنَّ الوزارة تجنَّت عليهم بتوطين هذه الوظائف.
وعلى دروب الخير نلتقي.