ياسر صالح البهيجان
من المنتظر أن تطلق هيئة السياحة بعد شهرين من الآن التأشيرة السياحيّة التي تخوّل للسيّاح من خارج المملكة زيارة المدن السعوديّة لأغراض سياحيّة بحتة، وهي خطوة جبارة، ومن شأنها أن تُحدث نقلة نوعيّة في الاقتصاد الوطني، شريطة أن تهيأ لها سبل النجاح، والمتمثلة في تسهيل إجراءات استخراج تلك التأشيرة، زيادة الطاقة الاستيعابيّة للمطارات السعودية الدوليّة، تنظيم أماكن الإيواء وتحسين جودة خدماتها، ابتكار فعاليّات وأنشطة ترفيهية نوعية ذات اهتمام عالمي، تخصيص مناطق جذب سياحية لها ضوابطها الخاصة المنسجمة مع تطلعات السيّاح.
كما أن الإجابة عن سؤال «من هم السيّاح المستهدفون؟» تعيننا على وضع استراتيجية متكاملة للخدمات السياحية المناسبة. ثمة سيّاح هدفهم حضور المؤتمرات الدولية، وآخرون مهتمون بالمتاحف والتاريخ، وغيرهم يبحثون عن الصخب والفعاليات الغنائية، وهناك من يريدون ترفيهًا عائليًا. ومعظم الوجهات السياحية تحدد شريحة معينة من السيّاح وتعمل على تهيئة الظروف الملائمة لجذبهم، بدلاً من تشتت الجهود والعمل في كل الاتجاهات مما يهدر الوقت والمال دون تحقيق المأمول.
في بادئ الأمر، يُنتظر من هيئة السياحة تولّي زمام تنظيم الرحلات السياحيّة بالتعاون مع القطاع الخاص، وإطلاق برامج تُحدد بمدة زمنية وتضع الوجهات التي سيزورها السائح برفقة المرشد السياحي، في ظل تباعد الأماكن الجاذبة للسيّاح بين أرجاء المدن، وتنتقي أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال سيّاح الخارج لضمان جودة تجربتهم السياحية الأولى إلى المملكة، على أن تتكامل برامجها مع فعاليّات هيئة الترفيه، لنقل صورة حضارية تليق بمكانة السعودية.
لست مع من يقولون بأن مدننا حاليًا غير مؤهلة لاستقبال السيّاح، بل لدينا وجهات مميزة، ونمتلك مقومات النجاح السياحي إن تكاملت جهود الجهات المعنيّة، واستوعبت الظرف الراهن، وأعادت وضع استراتيجياتها التطويرية بما ينسجم مع مرحلة استقبال السيّاح من الخارج.
المملكة أشبه بالقارّة، فيها المدن الساحلية والجبلية، تضم معالم وآثاراً تاريخية نفيسة، وتزخر بنمو عمراني بطابع جمالي، ولديها الجزر والكثبان الرملية، وهي تمزج بين أصالة الماضي وتطور الحاضر، وكل تلك العوامل تؤهل مدننا لتصبح وجهات سياحيّة، وإن كان ثمة بعض المعوقات فإن بإمكاننا تجاوزها سريعًا، ما دامت لدينا الإرادة الحقيقية في الانفتاح على الآخر، تنويع مصادر إيراداتنا عبر الاستفادة المثلى من المقومات والموارد الطبيعية.