د. عبدالرحمن الشلاش
جميل جدا أن تفكر وزارة التعليم بحماية مهنة التعليم بكافة عناصرها وفي مقدمتها المعلم حتى ولو جاء هذا التفكير متأخرا وبعد أن تركت الأبواب مشرعة طيلة السنوات الماضية لتوجيه كل أنواع الإهانات والانتقاص والاعتداءات النفسية والجسدية من الطلاب المشاغبين لمربي الأجيال وصناع العقول!
رائع صدور قرار معالي وزير التعليم الهادف لحماية مهنة التعليم وكافة من يعملون داخل المنظومة التعليمية وفي مقدمتهم المعلم، ووضع الأنظمة والضوابط والإجراءات لمنع الاعتداء اللفظي أو الجسدي أو ما يبث عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وأن كل تلك الأفعال ستكون محل متابعة الوزارة من خلال فريق قانوني لمتابعة قضايا المعلمين والمعلمات، والإداريين والإداريات لدى جهات الاختصاص وملاحقة المتطاولين والمسيئين.
قرار يثلج الصدر أن يكون لدى الوزارة هذا التوجه لكن الأجمل والأروع أن تقوم الوزارة بإعادة هيبة المعلم التي فقدت منذ زمن بعيد، والرفع من قيمته وإعلاء مكانته وحمايته من خلال أنظمتها الداخلية ولوائحها بتحويلها لأنظمة ولوائح أكثر صرامة تجعل الطالب يفكر كثيرا قبل أن يقدم على أي سلوك متهور ضد أحد المعلمين أو الإداريين وهذا يعني حماية المعلم من داخل المؤسسة التعليمية قبل حمايته من الخارج.
الإعلامي والكاتب والمغرد لا يصدرون في تعليقاتهم ونقدهم من فراغ وإنما من أحداث تدور داخل الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس يبرزونها ويوجهون لها سهام النقد الموضوعية وهذه مهمتهم. عندما يخرج مسؤول تعليمي ويقلل من قيمة المعلمين ويحملهم مسؤوليات الإخفاق فهو يمهد الطريق بهذا الأسلوب لمن يتربص بالمعلمين والمعلمات !
هناك رسائل مغلفة وخطرة ربما تصدر بحسن نية من بعض مسؤولي الوزارة عن وضع المعلم وأن راتبه كبير جدا وإجازاته كثيرة، وأنه يتمتع بميزات غير موجودة بدول أخرى، هذه الرسائل تستخدم بصورة سلبية ضد المعلم حين يصفه البعض بأنه لا يستحق، وأنه لا يؤدي ما يوازي هذا العطاء!
لكن تصوروا لو أن الوزارة أبرزت الأعباء الواقعة على كاهل المعلم من نصاب يبلغ 24 حصة وساعات نشاط وتصحيح ووضع أسئلة اختبارات ومراقبة ومناوبة ومكابدة للطلاب. هنا ستتغير الصورة مع الزمن وسيدرك الناس كم هو مطحون ذلك المعلم، وكم من المعلمين من يستحق التقدير والمكانة العالية.
حماية المعلم ومهنة التعليم تبدأ من داخل الوزارة قبل خارجها وعندها فقط ستختلف الصورة تماما وسنجد المجتمع أول من يطالب بتكريم المعلمين والمعلمات وحماية مهنة التعليم.