عروبة المنيف
أربعة أشهر فقط وتبدأ السيدات بقيادة المركبة، والحماس النسائي من أجل تلك الانطلاقة عال جداً، حيث التجربة الفريدة من نوعها في العالم، كذلك التحضيرات والترتيبات التي نشهدها من قبل الجهات المختصة والمواكبة لذلك الحماس، سواء فيما يتعلق باختيار مدربات للقيادة في مدارس تعليم القيادة وفقاً للمعايير العالمية، أو بتحديد شروط حصول المرأة على رخصة القيادة، أو غيرها من تجهيزات متناسبة مع حجم الحدث، فالعزيمة الجادة في استحداث القوانين لمواكبة ذلك الحدث أصبحت لازمة والحزم والصرامة في تطبيقها بات مطلباً، فالقضية ليست مجرد تصدرنا دول العالم في مؤشر وفيات الطرق بسبب الحوادث المرورية، بل يزيد عليها تدشين حدث قيادة النساء، لأنه حدث استثنائي لا يشبهه حدث آخر في العالم، ما يستلزم وضع كافة الاحتمالات الممكنة بهدف حماية الجميع والحفاظ على الأمن والسلامة المجتمعية.
تؤكد الدراسات العالمية والمحلية أن الجوال هو أحد أهم مسببات الحوادث المرورية على مستوى العالم، فهو المسؤول عن أكثر من 60 بالمئة من الحوادث المرورية . ولا أخفيكم القول إن ذلك الخبر أقلقني جداً قبيل احتفالية تدشين قيادة النساء للسيارات، ما دعاني لأن أطالب جميع إدارات المرور بالاهتمام بكل السبل الكفيلة بحماية الجميع من أي تجاوزات قد تحدث، فاستخدام الجوال عند القيادة آفة العصر ويدفع سائقو المركبات الضريبة بسبب حوادث الوفيات والإعاقات، ما يستوجب الاستنفار المروري والأمني وفرض المخالفات المرورية ولا سيما تلك المؤثرة على السلامة العامة، ومنها استخدام الهاتف الجوال أثناء قيادة المركبة، فالنساء بدون شك يهوين التحدث سواء عبر الجوال أو غيره، ونسبة القلق على أسرهن وأطفالهن كذلك أعلى من الذكور، ومن غير الوارد افتراض توافر حس الوعي من الجميع سواء كانوا رجالاً أو نساء، فآداب القيادة وحياة الآخرين يجب احترامها وبالقانون، وقد أعلن مؤخراً عن فرض عقوبة لاستخدام الجوال أثناء القيادة تتمثل بالسجن أربع وعشرين ساعة وغرامة مالية، مع عدم تنفيذ عقوبة السجن إلا بمراجعة سجل المخالف بتكرار المخالفات!!.
لا أقلل من شأن العقوبة السابقة، ولكن أريد إضافة وإدراج عقوبة موجعة تعلن للجميع وهي عقوبة سحب الرخصة كإجراء احترازي، فمن يقود المركبة إنما هو مؤتمن على حياته وعلى حياة الآخرين، والتشديد على سحب الرخصة من المخالفين إنما هو أسلوب تأديبي قادر على ترويض حامليها، فمن منح الترخيص لقيادة المركبة يكون قد حصل على امتياز، وهذا بحد ذاته اعتراف بأهليته العقلية والاجتماعية والأخلاقية، وعند تجاوز القوانين يفترض سحب ذلك الامتياز منه، ويتم من خلاله تسجيل نقاط على المخالفين يتبعها سحب للرخصة منهم بعد تسجيل عدة نقاط ما يستوجب حرمانهم من القيادة لمدة زمنية كفيلة بتعليمهم درس احترام حياة الآخرين كما هو مطبق في عدة دول، فنحن على مفترق طرق وفي بداية شهر يونيو من المفترض أن تكون الترتيبات والتنظيمات والقوانين المرورية قد نضجت وحان قطافها، فالعزم وشحذ الهمم لازم والحزم والشدة في تطبيق القوانين واجب لأن الحالة الاستثنائية المقبلين عليها تستدعي أكثر من ذلك.