أمل بنت فهد
في كثرة تداول الحديث عن الألم، الوجع، المرض، الأخبار المفجعة، الظروف القاسية، تحتار هل فعلاً الأرض مسكونة بهذا الكم الهائل من الإزعاج، أم أن الإنسان أدمن الكلام عن مواجعه؟ رغم أنه يعلم يقيناً أن الناس من حوله حين يستمعون له لا يسعهم تغيير شيء، بل يبدو أنه لا ينتظر الإنقاذ بقدر ما يعجبه دور البطولة في الدراما الاجتماعية.
الإنسان الذي يعيش سلاماً داخلياً ويستمتع بالحياة لا يمكنه أن يفهم معنى التشكي الذي يغلف أكثر الأحاديث من حوله، لا يستطيع أن ينسجم مع تلك المبالغة في خوض الألم، كأن بينهم وبين الهم والغم ميثاق صداقة وذكرى لا تنقطع، غالباً تضبطك اللياقة كي لا تصرخ في وجوههم وتقول كفى لعباً بالحزن، فإن الحياة ليست بتلك القتامة، تريد أن تقول لهم أنا لست طبيباً لأقدم استشارة لهذه الأمراض التي تتحدثون عنها، هل هناك حقيقية عنهم متخفية خلف قناع المعاناة؟ هل يعرفونها أم أنهم يمارسون هذا الإزعاج دون إدراك!
وهل تدرك أن الطبطبة عليهم من باب المشاركة يأخذونها على هيئة جائزة! لأنك تخبرهم أنهم على حق في إخفاقهم، وتمنحهم العذر ليقفوا حيث تعثروا، باختصار كأنك تقول: معكم حق الدنيا ظلمتكم وسلبتكم كل شيء، وهذا غير صحيح، بدلاً عن الطبطبة اسحبهم وانزعهم من وحل التشكي، أخبرهم حقيقة أن لكل إنسان جحيمه الخاص، يتقلب فيه، ثم يعود للحياة ويعيش، لا تساعدهم في تدمير أنفسهم، بل أخبرهم أنهم مسؤولون عن هذا السواد الذي يلف أيامهم، أخبرهم أنهم مزعجون، وأنهم يعيشون طفولة اعتمدت على تعمد السقوط ليهب الجميع لنجدتهم.
أحياناً تكون غاية المساعدة والعون أن لا تقدم شيئاً عدا أن تقول: قم من مرقدك، وتحدَّ كل شيء حتى نفسك، وعش كريم النفس أو مت ذليلاً.
أحياناً يكون الترك والتخلي غاية الإخلاص والعطاء، لأنك تعطيهم درساً في الاعتماد على النفس، وليس الاعتماد على التبرير، فالتبرير فخ تقع فيه وتتوقف حياتك، وغيرك يمشي صوب هدفه.
إنهم أطفال كبار، تعودوا أن يعقب البكاء عطايا، لذا اكسر هذه العادة إذا كنت تهتم لهم، اتركهم للبكاء حتى تنتهي حيلتهم، بعدها سوف يتحركون، وإن آثروا البقاء في العثرة فهذا شأنهم، امضِ بنفسك وإن كنت وحيداً.