إن أول من تحدث عن الاقتصاد كمفهوم فلسفي وكناه الكثير بـ»أبو الاقتصاد» هو الفيلسوف الأسكتلندي أدم سميث عام 1776م وتحدث هذ الرجل عن الموارد وكيفية إدارة تلك الموارد بأساليب وطرق سُميت لاحقاً بـ «الرأسمالية». ثم تبع ذاك الرجل رجال لهم صولات وجولات في كيفية إدارة الموارد لأي أمة وكيفية الحصول على المزيد من تلك الموارد من أمم أخرى وغيرها من الفلسفات التي كانت سبباً رئيسيا للحروب العالمية والمحلية بل حتى بين الأعراق. أشهر تلك الحروب التي قامت بسبب فلسفة اقتصادية بحتة هي الثورة البلشفية في عام 1917م بقيادة لينين عندما تبنى أفكار كارل ماركس الشيوعية وقتل بسببها خلق كثير خلال العقود التي تلت تلك الثورة. أما آخر تلك الفلسفات الاقتصادية والتي أدت إلى طامة بشرية وفي ركن من أركان هذه الأرض هي فلسفة ميلتون فريدمان الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976م حيث تبناها الجنرال أغستو بنوشيه سنة 1980م بعد انقلاب على الرئيس الليندي المنتخب لتشيلي. ملخص القول «إن الاقتصاد هو الوقود المحرك للمكينة السياسية للأمم
هنا سؤال ساذج يطرح نفسه قبل الاسترسال: « هل الإسلام له نظام اقتصادي عملي - وليس نظريا فقط- يمكن تطبيقه وتنفيذه على أرض الواقع؟». أجاب الكثير بـ «نعم» وبأن الكثير من الدول الإسلامية قد قامت بتطبيقه على أرض الواقع والبعض قد أخذ بجزء منه وغيرها من الأجوبة الحازمة. ثم يأتي سؤال ساذج آخر يطرح نفسه ويسأل: «إن كان كما قلتم، فلماذا يحصل لتلك الدول أزمات اقتصادية عنيفة؟». كشخص فلسفي، فإني للأسف أحمل في جعبتي الكثير من الأسئلة الساذجة و سببه أني من المؤمنين بأن الإسلام «شريعة ربانية» أوجده البارئ كمنهج ديني من أجل السعادة في الآخرة ومنهاج دنيوي من أجل سعادة الناس في هذه الحياة.
يبدو أن منهج الاقتصاد الإسلامي الحالي غير مكتمل الأركان وإلا لما حصل ما حصل من كساد اقتصادي لبعض الدول وقد يفتي البعض بادعائه «آلية التطبيق لم تكن صحيحة أو أن الحكومة لم تطبيق المنهج الإسلامي كما تدعي». قد يكون هذا جزءا من الصواب ولكن ما يجب أن يستوعبه الناس أن الإسلام أشمل من ذلك. أسمحوا لي بأن أدلو بدلو في هذا المجال وأضيف بركن جديد للاقتصاد الإسلامي وهو «الصدقة الشاملة» وأقصد بها الصدقة المادية وغير المادية. أخبرنا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أن الابتسامة في وجه أخيك صدقة ولكن علماء الاقتصاد الإسلامي حصروا الصدقة بمفهوم الصدقة المادية فقط. إن «العمل التطوعي» هو المصطلح العصري الرديف للصدقة غير المادية ولو استطاع كل فرد من أفراد شعب ما أن يعطي للمجتمع جزءا من وقته للمجتمع كعمل تطوعي فإن عجائب النتائج سوف تكون ملموسة من اللحظة الأولى. وأبسط تلك النتائج أن الجشع المادي سوف يقل وبه يكثر وينتشر الخير وسوف يتأثر بفاعلية المفهوم الاقتصاد الكلي، حيث سيقل الطلب وسينخفض تبعاً العرض.