فهد بن جليد
فكرة مصرية بسيطة أطلقها الشاب محمد صبري بعد أن فقد جدته وأراد أن يحشد لها أكبر عدد من المُصلين ليودعوها ويدعوا لها، ولم يجد سوى الطرق التقليدية بكتابة إعلان وتعليقه, ولكن الفكرة تطوَّرت لديه فيما بعد من المنادات بمكبرات الصوت في شوارع الحواري والأحياء القديمة للإعلان عن وفاة شخص ما, إلى تطبيق هاتفي مجاني أطلقه قبل شهر واحد فقط يمكن تفعيله على الهواتف في كل بلدان العالم, ليُساعد الناس على معرفة أسماء المتوفين بالقرب منهم، وأين ومتى ستقام الصلاة عليهم، حتى لو لم يكن هناك علاقات شخصية سابقة بينهم, بهدف حث الناس على العودة مُجدداً إلى الترابط والتعاضد في المحن, ومُشاركة الآخرين أحزانهم من جانب إنساني وأخلاقي وديني في المقام الأول, وهو يعكف على تطويره ليشمل كل الأجهزة وبمُختلف اللغات.
في الدول العربية والإسلامية تتباين الأفكار والتقاليد في مثل هذا الحالة عادة, وإن اتفق الجميع حول جوهر العبادة وصلاة الجنازة بالصورة الصحيحة، ولكن النعي والإبلاغ عن المتوفى يختلف بين المجتمعات، فمن صفحات الجرائد إلى محطات التلفزيون ونشرات الأخبار في بعض البلدان، ليبقى السؤال الأهم في ذهن مُحبي وأقارب المتوفى دائماً, هو هل سيحضر خلق كثير ليصلوا على الميت ويدعوا له، أم أنَّ عدد المُصلين سيكون قليلاً؟..
لذا اشتهرت بعض المساجد بإقامة صلاة الجنازة وأصبح الباحث عن الأجر يتحرى الصلاة فيها, كما أنَّ أهل المتوفى يختارونها نظراً لتجهيزها بكل ما يلزم، وقربها من المقبرة أحياناً، كما ساعدت بعض المواقع الإلكترونية على الإنترنت وتويتر تحديداً عندما أنشئت لذات الغرض، إلا أنَّ التطبيق المجاني الوليد يقدم خدمات مُتعدِّدة لتنبيه القريبين من الموقع بموعد الصلاة في المدن الكبيرة والمليونية، ويهدف لمُشاركة أكبر عدد من الأشخاص في هذا الواجب والسلوك الإنساني في عصر السرعة والتقنية والانشغال والتطور التقني، ونيل الدرجات والمثوبة بأداء الصلاة التي تستغرق أقل من دقيقتين في الغالب عقب الفراغ من الصلاة المكتوبة. مع تزاحم الأفكار التقنية وثورتها، أمر رائع أن نجد بيننا شاباً يفكر بهذه الطريقة الإنسانية والأخلاقية - ليس للكسب المادي - ولكن لتقديم الدعم والحث على مُشاركة الآخرين أحزانهم ومصائبهم «كحالة إنسانية» تساعد في التخلص من ضغوط الحياة, وتبعث على الراحة النفسية والترابط والشعور بمعاناة الآخرين في مثل هذا الموقف, فقيمة مثل هذا التطبيق ونبل فكرته وفائدته، لن نشعر بها إلا عندما ينتشر ويشتهر أو نحتاجه لا سمح الله، رحمنا الله ورحم أمواتنا جميعاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.