د.ثريا العريض
ببساطة أومن بقوة الحلم وأهمية «حضور» من يقود الجمع ليحققه.
ولي العهد الشاب, الذي يمسك بدفة تخطيط وجهة المستقبل, يقود فريقاً من المسؤولين والمساعدين والمستشارين المتمرسين لتحقيق حلمه حسب تعليماته ورؤيته, لتحقيق ما يراه البعض مهمة مستحيلة فقط لأنه يتطلب تصحيحاً في الثقافة العامة والفكر, وطفرة في الوعي, ليحقق قفزة في الإنجاز.
هو قائد يتميز بنظرة تختلف عن المتوقع السائد, ويتوجه قيادي ملئ بالحماس الإيجابي مبنياً على رؤية خاصة به. هي رؤية غير تقليدية تتجاوز رغبة حكم دولة, وتتعدى حكمة توفير الاحتياجات المحلية, إلى جرأة الحلم ببناء دور ريادي للدولة في سياق عولمي مستقبلي، وفي إطار شاسع جداً يتسع لاحتواء مكونات مشاريع شمولية تمزج كل روافد الأرض والبحر لتبني حلماً لا يستطيع البعض تخيل أبعاده الممتدة في المكان والزمان. تمتد من الحدود الشمالية بجسر يربط آسيا بأفريقيا ومن ثم أوروبا, وتؤسس مدينة «نيوم» المستقبلية, وتحمي الحدود لضمان حماية الحلم من أطماع المتربصين.
اهتماماتي بالتنمية الشمولية والتخطيط للمدى الطويل تعود إلى مرحلة اختياري لتخصصي العلمي في مرحلة الدراسة العليا. وقتها وصلت إلى قناعة أن لا حلم مستحيل إذا توفر العزم والتخطيط الواعي للتغلب على كل التحديات ونقاط الضعف, وتوظيف نقاط القوة وروافد الدعم. ولذلك تحمست لإمكانية تحقيق رؤية 2030 منذ أعلنت رسميًا.
ومنذ تخرجي وأنا استجيب لطلبات التعاون مع باحثين سعوديين وأجانب يقومون بإعداد تحقيقات، أو رسائل علمية, أو كتب تدور حول أوضاع المملكة العربية السعودية. وفي الفترة الأخيرة معظمها يتناول المستجدات الأخيرة المتسارعة في حاضر المملكة, أو المتعلقة باستشراف مستقبلها عبر استقراء تداعيات ونتائج هذه المستجدات سواء في إطارها المحلي أو الخليجي أو العربي أو الجوار الإقليمي. وتتطرق إلى جوانب الاقتصاد والأمن والسياسة بالذات. وهناك طبعاً اختلاف في نوعية وصياغة الأسئلة والنواحي التي تركز عليها محاور البحوث. ويكاد يكون المشترك الوحيد في اهتمام الباحثين الآن, رؤية التحول 2030. مؤخراً استجبت لرغبة باحث سعودي شاب يعد أطروحته للدكتوراه بعنوان (رؤية استشرافية للأمن الوطني السعودي في ضوء رؤية 2030). واستمتعت بمشاركته تطلعاته المستقبلية المتفائلة بدلاً من مشاعر المحاصرة والتشكيك المليئة بالاحتقان غير المتوقع من أي باحث حيادي علمياً.
ولعلي محظوظة بكوني ضمن من حضروا فعلياً أول ورشة لبرنامج التحول أعلن فيها سمو الأمير محمد بن سلمان عن رؤية 2030 والبرنامج الطموح الذي يرتبط بتحقيقها. ولذلك أستحضر التفاصيل مباشرة من تجربة عيان لا نقلاً عن جهة تفسرها بتصرف.
أجرؤ أن أقول إننا نعايش حقبة بناء دولة جديدة بمفاهيم جديدة ترتكز على رؤية تتحدى ما تجذر منذ أربعة عقود حتى الآن, كتعريف لهويتنا المجتمعية, وما يرتبط بذلك من المفاهيم كتفاصيل الخصوصية التي تملي ممارسة أعراف مضنية منتهية الصلاحية.
لذا حين صافحت سمو الأمير في زيارته مع الملك لمجلس الشورى بعد الورشة تلك, أكدت له شخصياً, باختزال وعفوية وتفاؤل عن انبهارنا بحلمه: «كان حضورك مهولاً».