من البديهي القول إنه بمجرد سماع أن هوليود أنتجت فيلمًا مرعباً سنعرف جميعاً القصة، وكيف تبدأ وتنتهي، ومتى يموت الأشخاص، فهوليود خصوصًا السنوات الأخيرة تنتج الكثير من الأفلام المعادة أو الأجزاء أو الرعب ذات القصة الركيكة والضعف في التنفيذ.
مع فيلم «A Ghost Story» صاحب ميزانية 100 ألف دولار فقط، ربما نعيش حالة خاصة، وظاهرة جديدة في سينما الرعب وبالتحديد الرعب النفسي.
يبدأ الفيلم وبلا مقدمات وبكلمات ربما حتماً ستفسد عليك القصة، بصدمة غير متوقعة لنا جميعاً ولشخصيات الفيلم كذلك، وهي موت البطل في بداية الفيلم لنعيش معاً تلك الصدمة طوال الفيلم، ونعيش أيضاً مع زوجة بطل الفيلم وكيف كانت حالتها الذهنية والنفسية والجسدية بعد رحيل زوجها، قبل أن نتقبل بشكل مربك، ومستفز، ومرعب حتماً لتحول ذلك الزوج إلى شبح، ولكن من هنا تنتهي رحلة الرعب النفسي، لنتحول لمتابعة ما يحدث من زاوية قراءة فلسفية للوجود والأبدية والتعامل مع عامل الوقت والمكان والتلاعب بهما في السينما.
يختلف الفيلم كلياً عن أفلام الرعب السابقة، بل وأفلام الرعب النفسي، فهو ليس مصنوعاً لمحبي أفلام الرعب، بل الأفلام ذات الرتم العميق البطيء والمتوازي مع المحتوى الدسم والقصة التي تجعل من المشاهدين مشدودين ومرتبكين وربما غاضبين.
الفيلم، وعلى الرغم من برود الأداء وبطئ الرتم وعدم منطقية الأحداث للكثير من المشاهدين، إلا أنه يقدم نفسه شئنا أم أبينا كمادة جديدة في سينما الرعب، أرض خصبة للتفسيرات، والأهم تقديمه شخصية الشبح من زاوية جديدة، وهي أنسنة الشبح، فهو هنا ليس لمجرد أن يرعب الشخصيات وبالتالي يرعبنا، بل التحدي والتميز في هذا الفيلم أن الشبح لديه شعور، فهو يغضب، ويغار، ويشعر بالوحدة، ولديه الكثير من المواصفات التي يملكها البشر، بالتالي التعاطي معه يختلف بينما نشاهد الفيلم، فنحن مع الوقت نشعر به من الداخل، على الرغم من عدم ظهور أي معالم من وجهه، نشعر كيف يفكر، على الرغم أن لا يتحدث، نشعر بما يخطط له، على الرغم أن تصرفاته لا توحي بذلك.
لفيلم يقدم نفساً جديداً في المشاهدة، ربما أو بالغالب ستكون مرهقة، ومستفزة للبعض، ولكن هي تجربة جريئة من المخرج والكاتب تستحق الإشادة، والمشاهدة، قصة الشبح فيلم قد لا يرعبك، قد لا يعجبك، ولكن حتماً سيبقى عالقاً في ذهنك مدة طويلة.