ياسر صالح البهيجان
خصص التلفزيون السعودي مساء كل يوم جمعة وعند الساعة 11 مساءً مساحة لعرض فيلم سينمائي سعودي، وكانت البداية الجمعة الماضية بعرض فيلم «المغادرون» والذي حاز على جائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان مراكش الدولي لتبادل الثقافات.
مبادرة تشكر عليها هيئة الإذاعة والتلفزيون، فالسينما السعودية سئمت من الترحال خارج حدود الوطن، وحلّت اللحظة المناسبة للاحتفاء بالمنجز السينمائي المحلي عبر منصات وطنية تدرك بأن عليها مسؤولية احتضان إبداعات الكفاءات الشابة، لأن السينما ليست مجرد مشاهد خاوية وصماء، بل هي من مؤشرات الارتقاء الحضاري، وتعكس ثقافة الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم وأفكارهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ورغم أهمية توفر منصات العرض داخل الوطن، ثمة عوامل أخرى يُنتظر توفيرها للارتقاء بمستوى السينما المحلية، وتتمثَّل في إنشاء مدينة ضم تقنيات الإخراج السينمائي والديكورات الاحترافية ومعدات التصوير المتطورة على غرار «هوليوود» الأمريكية، و»بوليوود» الهندية، واقترح تسميتها بـ»سعودي وود»، وبالإمكان طرحها للاستثمار من قبل كبرى الشركات العالمية المتخصصة في المجال السينمائي بمشاركة صندوق الاستثمارات العامة، وأجزم بأنها ستحدث نقلة نوعية في السينما على المستوى الإقليمي والدولي، وستعكس التوجهات الحكومية الجادة نحو الانفتاح على الآخر، وستسهم في تحسين إيرادات القطاع الترفيهي، وستمثّل وجهة سياحية قل نظيرها في منطقة الشرق الأوسط.
الشباب السعودي يمتلك مواهب في كتابة النصوص والتمثيل والإخراج، ولا ينقصه سوى الدعم والتنظيم والتمويل المالي، ومن المناسب طرح مقترح إنشاء لجنة للسينمائيين السعوديين تحت مظلة هيئة الترفيه، لتوحّد الجهود وتضمن إنتاج أعمال سينمائية بمستوى عال ومنافس لما يُطرح عالميًا، ونحن مطالبون حاليًا بحرق المراحل للحاق بالركب، ولا مجال للاجتهادات الفردية التي في معظمها لا تنتج سوى أعمال هزيلة.
المملكة على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب الاستفادة القصوى من جميع عوامل التأثير، لتؤكّد بأنها قوة إقليمية ودولية في شتى الميادين، ولا شك أن الصناعة السينمائية من أهم عوامل نجاحنا لتقديم نموذج يليق بمكانتنا ودورنا في نشر التسامح والقيم والسلام.