د.ثريا العريض
أتابع ما ينشر في الإعلام حول أحداث البلاد رسمياً وفي قنوات التواصل. وآخرها حتى كتابة المقال يوم الخميس الماضي كان مهرجان الملك عبد العزيز للإبل. ومن بينها تفاصيل الحفل الختامي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين. ومنذ أربعة أيام قبلها والإضافات الرسمية والفردية تتوالى؛ من إعلان المهرجان إلى استقبال الضيوف الكرام من قيادات دول الخليج إلى القصيدتين اللتين ألقاهما الشاعران السعودي حاكم العنزي, والقطري محمد بن فطيس المري.. و لم يكن غريباً أن ينشأ هاشتاق في تويتر يتابع نشر التفاصيل والتعليقات من المغردين.
الذي استوقفني فيه واستوقف عدداً كبيراً من مرتادي تويتر المحليين كان نشر لقطات للملك يشارك في العرضة للحظات رسمت على ملامحه تعبيرات سعادة بالغة, ثم لقطات أخرى له وهو يمسح الدموع من عينيه. وبين التعاطف وإعلان الولاء ومحاولة تفسير اللقطة التي سجلت موقفاً واضحاً لمشاعره وصل الهاشتاق حتى كتابة هذه المقالة مساء الخميس إلى طول يثير التأمل.
قلما أشارك في هاشتاقات جماعية ولكني لم أتمالك إلا أن أعلّق بأول عبارة تلقائية قفزت إلى ذهني: «لا أراك الله ما يبكيك يا أبا فهد.. دمعك غالي». ربما استجلبها تعليق من أضاف الصورة بأن الملك دمعت عيناه تأثراً بتذكر والده وأبنائه رحمهم الله فلم يستطع الاستمرار في المشاركة بالعرضة.
ثم لم أستطع التوقف عن التفكير. ما الذي تذكره الملك فجعله يتأثر إلى حد أن تفلت من عينيه الدموع؟ ربما لم تكن سوى ذرة من غبارنا الصحراوي استجلبت الدمع لعين القائد ودفعته لمسحها. ولكن دموع القادة ترينا الجانب البشري من الرموز فنتفاعل معها بصورة غير اعتيادية.
ليس المشترك البشري الجانب الأهم في أي قائد, بل الجانب الفكري والرؤيوي. ولكل قائد ما يميزه سلباً أو إيجاباً.
حقيقة شخصية الملك سلمان تبرز بين القادة الأسبق ومجايليه في إطار متفرد. وما يميزه فعلياً هو ثقافته الشمولية ومتابعته للمستجدات الإقليمية والمحلية والعالمية شخصياً ليفهمها وليس فقط ليعرف عنها. قارئ نهم منذ صباه يجد الوقت ليطلب المراجع المعتمدة المتخصصة في أي قضية عالمية. ويحصل على المعلومة من مصادرها الموثوقة.
جاء إلى سدة الحكم مؤطراً بصفات وخبرة شخصية تفرد بها؛ بالدرجة الأولى ثقافته, بالإضافة لتجربته الإدارية الممتدة منذ شبابه الغض, وتمرسه في الإدارة شخصياً كأمير للرياض على مدى عقود طويلة. ظلت الرياض حظيظة بتماهيه معها بصيغة خاصة؛ العاصمة محور القلب النابض للدولة. وعبر جهود ومشاريع هيئة تطوير الرياض, تابعها أبو فهد أميراً وملكاً لتصبح القلب النابض للحكومة حتى منذ قبل انتقال جميع السفارات الأجنبية إليها من جدة, واستقرارهم في الحي الدبلوماسي الراقي المعروف بحي السفارات. ومازال التطوير مستمراً, والعاصمة تتنامى وتترامى.
حملتني أفكاري لولي العهد؛ الأمير الشاب محمد بن سلمان. ترى ما الذي كان يدور في باله من أفكار وهو يجلس بين نظرائه أولياء عهد الدول الخليجية ضيوف حفل مهرجان الإبل؟ وسأعود لقراءة تأملاتي في حوارنا القادم