يبدو أن المسؤول جمع بين قول أمين الريحاني: «قل كلمتك وامشي» وبين ماقاله الأديب برنارد شو:» يقولون ماذا يقولون؟ دعهم يقولون». وحمّل القولين على وجهة تُخالف المغزى الحقيقي أو بالأحرى المراد الأدق والأفضل، لهذا لا يعبأ بالانتقدادت بل يستحدث ما يرى فيه استفزازًا.
قمة الاستفزاز
تتفاجأ من تصريح لمسؤول-أيًا كان- هذا المسؤول في وزارة أو صحيفة أو حساب إلكتروني أو حتى بائع في بقالة يطالب الناس بترشيد الاستهلاك، وكأن أهل هذا البلد أغنياء في غالبهم، ومن أين لفقير الحال أن يرشد استهلاكه ويحد منه، وهو بالكاد يجد ما يستهلكه بعد فراغه من صراع مع التاجر الغشاش، في غياب الوزارة المعنية التي ألقت عن كاهلها الجد والاجتهاد في خدمة المستهلك لتتعذر بأن المستهلك يجب أن يكون نبيهًا ومتصيدًا لكل عملية غش تحاك ضده.
وهذا بحد ذاته يتطلب من المستهلك سعيًا في البلاد وبذل كل جهد ليتخيّر مايتوافق مع مايريد من مزايا مراعيًا الأنسب له ماديًا، وبعد هذا الكد عليه أن يمد لحافه على قدر إمكانياته! ولا تدري لماذا لا تمد وزاراتنا المختلفة لحافها على ماأوتيت من إمكانيات مادية هائلة وتعمل على راحة المواطن وتوفير كافة سبل الراحة ليجد سلعًا مناسبة لإمكانياته لا فيها لعب تجاري، ولاغش.؟!
المواطن يعمل خلال يومه، ويقوم بما عليه، وهو بحاجة إلى أن يجد من يوفر له احتياجاته بشكل آمن وسليم، بعيدًا عن النصب والاحتيال، إلا إذا كان دور المواطن أن يراقب كافة ما يُقدم إليه في الصحة والنقل إلى آخر الخدمات والسلع التي يستهلكها ليكون فقط الشاهد على تقاعس الوزارات في خدماتها دون أن يتفوّه بنقدها؟!.
أخشى أن نصل إلى مرحلة نتمنى من المسؤول أن يكفينا شر تصريحاته ولا نريد منه لا إحسانًا ولا بذلًا فقط أن يلتزم الصمت خصوصًا في المناسبات السعيدة الوطنية والدينية، فنحن شعب يحاول استدراج السعادة لذا نرجو عدم الخوض في شؤون المواطن إلا بالبشائر وتأجيل التصريحات «الاستفزازية» إلى وقت مناسب.
تجربة المشقة
مالم يجرب المسؤول حياة التعب والقهر والركض إلى لقمة العيش لن يسلم منه المواطن ولن تنتهي استفزازاته، لهذا لا بأس أن يكون للمسؤول المختار فوق شهاداته وخبراته، دورة في «حياة الفقير المتعب» يجرب من خلالها شظف العيش وقلة المورد فيأكل كما يأكل الفقير ويركب كما يركب، فأطهر الناس نفسًا وأصفاهم قلبًا وأنقاهم فكرًا من جرّب الألم ورغبَ أن يُجنّب الآخر مراراته وغصاته.
ترشيد الكذب وجلاء الحقيقية مطلب شعبي
رغم أن كذبة سيارة غزال مازالت حية في الذاكرة وعلى كل لسان إلا أن الكذب بعدها لم يتوقف بل هو يتمدد ومستمر، فنسمع بين الحين والحين عن الجوائز العالمية والتفوق الذي حصلت عليه جامعاتنا أو أبناؤنا، وعدد الاختراعات الهائل، كل هذا نسمع عنه، ولم نرَ له أثرًا في حياتنا ولا رأينا تسجيلًا له في براءاة الاختراع للمنتج وتحديد الملكية الفكرية! نرجو أن يتعامل معنا المسؤول باحترام أكثر من هذا، وليعرف أن وعي الناس في تقدم، وبدأوا يبحثون ويسألون عن الأحداث والوقائع ويحللونها.
الشفافية من ملامح السعودية الجديدة
اعطاء كل ذي حق حقه، الدافع وراء محاسبة الفساد والفاسدين أيًا كانت صفتهم الاعتبارية، لهذا من واجب المسؤول أن يبتعد عن الغموض في إدارته التي يديرها فعلى النائب العام أن يطلعنا من خلال أي وسيلة كانت على نتائج التحقيق مع الفاسدين ومع الذين ثبتت براءتهم، وكيف تمت التسوية، فالأمر يعني المواطن وقد تحمّل تبعات ما أفسده هؤلاء في المال العام بشكل مباشر وغير مباشر.