تعد المدرسة مكاناً لتلقي المعارف، والعلوم المختلفة ومهمتها لا تقتصر على ذلك فقط، فهي مكان لبناء الأجيال، وتم حديثاً إضافة ساعة مخصصة للنشاط بالمدارس، والتي يعقد فيها العديد من الأنشطة والممارسات التي يشترك بها الطلبة مما يكسبهم الخبرات والمهارات اللازمة لهم مستقبلاً والتي تساهم في صقل شخصياتهم، ضمن إطار المتعة والتسلية، والفائدة، والتحدي، والحماس.
ولقد واجهت ساعة النشاط المضافة حديثاً لبعض من الامتعاض والسلبية من قبل بعض أولياء الأمور والهيئة التعليمية، وسأعرض هنا بعض الأمور التي أدت إلى عدم تقبل هذه الساعة المضافة رغم الاتفاق على أهمية وفائدة النشاط.
* عدم استخدام القوة الناعمة، والتي تتضمن الدبلوماسية في اتخاذ القرار بمشاركة المديرين، والمعلمين، الطلبة وأولياء أمورهم، فكونهم مشاركين أو مساهمين في الأمر سوف يسهل تقبله وتنفيذه ليؤتي النتائج المطلوبة. ففي كثير من دول العالم تتولى السلطات التعليمية إشراك جميع الجهات ذات العلاقة بمصلحة الطلاب بل والسلطات الصحية والاجتماعية قبل اتخاذ أي قرارا
* عدم تهيئة الميدان بتجهيز المدارس بمستلزمات ومتطلبات تفعيل النشاط بصورة صحيحة، ليعطي ثماره المرجوة، بل إن العديد من المدارس على مستوى متدنٍ من الاهتمام والصيانة الأساسية ناهيك عن المباني المستأجرة.
* استخدام الترهيب قبل الترغيب والتوضيح، فكيف تُرصد وتُعاقب المدارس التي لم تُطبق النشاط، في حين لم تصدر الآلية لتنفيذ النشاط إلا بعد فترة تتجاوز شهر من بدء العام الدراسي، ولا يعد ذلك إلا قصوراً في التخطيط السليم.
* عدم مراعاة مبدأ الكيف قبل الكم، فنجاح تنفيذ النشاط لا يرتبط بالكم فقط، والذي تم تحديده من قبل الوزارة بواقع ساعة لمدة أربع أيام. ولنا في فنلندا التي اعتلت قمة الدول في نتائج برنامج تقويم الطلاب PISA على مدى أعوام متتالية، والحائزة على المركز الثاني ضمن مؤشر التعليم والتدريب لعام 2017-2018م الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي الذي تضمن ترتيب 137 دولة، خير برهان على ذلك، فهي تمتاز بأقل عدد ساعات في التعليم على مستوى العالم؛حيث تصل إلى ما يقارب20ساعة أسبوعياً - بل ورغم قصر ساعات يومها الدراسي توفر وجبة غداء صحية ساخنة مجانية!!- فهي تحرص على دمج الأنشطة ضمن نظامها التعليمي ومناهجها الأساسية.
* تحديد زمن تنفيذ ساعة النشاط في منتصف اليوم الدراسي، فيه تقييد شديد لحرية وسياسة المدرسة في تنفيذ هذه الأنشطة، على عكس ما يكون تماماً في فنلندا حيث تضع الوزارة الإطار العام وتترك لكل مدرسة حرية التنفيذ. وختاماً أنا لست مع أو ضد ساعة النشاط، لكن الأولى والأجدر لنجاحها الاهتمام بالكيف قبل الكم، ووضع خطة مدروسة لآلية التنفيذ وشرحها بوقت كاف قبل المطالبة بالتنفيذ، لاستغلال الوقت وتحقيق أهداف ذات أهمية في الطلبة لتكون المخرجات عظيمة.
** **
معلمة وباحثة ماجستير - إدارة وتخطيط تربوي