خالد بن حمد المالك
العلاقات السعودية - الإماراتية علاقات تاريخ ومصير ووحدة موقف، يتغير الملوك والأمراء بالدولتين، وتبقى هذه العلاقة الأزلية في عمقها وصلابتها وقوتها راسخة وثابتة، فالقائد الرمز الشيخ زايد بن سلطان مع الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز وضعا الخطوط العريضة لعلاقة دبلوماسية وأخوية غير مألوفة، علاقة تدوم دون أن تصاب بالوهن، أو تتأثر بالمتغيرات، أو يأتي من الأعداء والحساد والجهلة من يحاول اختراقها، والبحث عن ثغرة لإفسادها.
**
ولا أحد من العقلاء يتصور أن كائناً من كان يمكنه أن ينال منها، أو أنه يملك حيلة لزرع الخلافات بين رموزها من القادة، لأن هذه العلاقة التاريخية التي تمتد جذورها إلى عمق مصالح الدولتين أقوى وأشد وأصلب عوداً من أن يكون لخصومها فرصة للنيل منها، أو التأثير على مقومات ديمومتها واستمرارها، مع كل المحاولات والدسائس التي تتكرر، وكان مصيرها الفشل أمام إصرار القادة والشعبين الشقيقين على التمسك بالثوابت التي عمقت هذه العلاقة على امتداد التاريخ، وجعلت منها إنموذجاً للتعاون والانسجام في كل المواقف، في مواجهة التحديات والمؤامرات، ودرءاً لكل من حاول أن يعرضها للخطر.
**
حاولوا كثيراً توظيف ما جرى مؤخراً في عدن من احتراب بين اليمنيين، باستثمار أحداثه في أن خلافات بين الرياض وأبوظبي في المواقف والسياسات سبب هذا الاقتتال، واعتبروا ذلك دليلاً على فشل الدولتين في إعادة الشرعية إلى اليمن، وعدم قدرتهما على منع إيران وقطر من التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، متناسين أن هذه الفقاعات الإعلامية لا قيمة لها، ولا من عاقل يصدقها، أو يأخذ بها، وأنها لا تعدو أن تكون تمنياتٍ وأحلاماً وتخرصاتٍ لا تصدر إلا عن إنسان مريض، يكتوي من النجاحات التي تحققها عاصفة الحزم يوماً بعد آخر لمنع الحوثيين المدعومين من إيران وقطر من الوصول إلى أهدافهم.
**
ألا يتذكر هؤلاء ما كان الشيخ زايد بن سلطان قد قاله في حياته، ومنذ تأسيس دولة الإمارات، من أن المملكة تمثل عمقاً إستراتيجياً لدولة الإمارات، وأنه على خطى هذا القول الجميل للشيخ زايد أمكن للدولتين منذ العام 2014م أن يدفعا بمسيرة العمل الخليجي إلى الأمام، وخاصة بعد تشكيل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، وما مثلته هذه من تحول نوعي في العلاقات، وصولاً إلى آفاق أرحب وأكثر أمناً واستقراراً لمواجهة التحديات في المنطقة.
**
وامتداداً لذلك، فقد أطلقت الدولتان «خلوة العزم»، وهي أول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي الذي تم الإعلان عنه في جدة عام 2016 بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبرئاسة ولي العهد في كل من المملكة والإمارات، ولا يحتاج الأمر منا إلى مزيد من المعلومات والحقائق عن العلاقة المتجذرة والقوية بين بلدينا، إذ من الجهل أن تتصور دولة قطر أنها قادرة على أن تصب الزيت على النار لإشعال أي خلافات بين المملكة والإمارات، باستثمار الخلافات التي جرت بين الانفصاليين والطرف الآخر في عدن، حيث استُخدم فيها السلاح قبل أن تتدخل قوى التحالف للمصالحة بينهما.
**
نكرر ما كان قاله الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مختصراً العلاقات بين بلدينا من أنها (التحمت لتكون علاقة العضد بعضيده) وما قاله محمد بن زايد (السعودية هي عمود الخيمة الخليجية والعربية)، وإذا أرادت الدوحة المزيد عن هذه العلاقة التاريخية، بما يوجعها، ويزيد من ألمها، ويقوّض تمنياتها، فهناك الكثير الكثير.