قاسم حول
في برنامجه القادم، قررد مهرجان روتردام للفيلم العربي، إقامة عروض للسينما الأردنية التي بدأت تحقق نجاحات في العالم سواء بتجربة فيلم «ديب» للمخرج «ناجي أبو نوار» الذي تجري أحداثه في الصحراء الأردنية إبان فترة الخلافة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، أو على مستوى الأفلام الوثائقية مثل فيلم «إن كنت تقصد قتلي» والذي يحكي قصة ثلاث نساء أودعن السجن بدون جريمة فقط لأن السلطات تريد حمايتهن من التهديد بالقتل لدواعي الشرف. والفيلم يتسم بالجرأة في معالجة الموضوع. وهو من إخراج وداد شفاقوح. كما سيعرض المهرجان فيلم «إن شاء الله استفدت» وهو فيلم كوميدي دون السقوط بالتهريج .. نوع من الكوميديا الراقية عن شخص دخل السجن بتهمة السرقة لدواعي اقتصادية، فيرى عددا من السجناء يشبهونه في التهمة والموقف .. فيلم كوميدي يعالج الواقع الاقتصادي بطريقة فكهة. وينوي المهرجان اختيار فيلم من تاريخ السينما الأردنية من أفلام المخرج والناقد السينمائي عدنان مدانات.
الأردن لم يكن له تاريخ سينمائي حافل بالإنتاجات السينمائي ولكن ثمة نهضة تتعلق بالثقافة السينمائية، فمؤسسة شومان الثقافية والتي يشرف عليها الناقد والمخرج عدنان مدانات تعمل وبشكل دؤوب ومتواصل من تقديم عروض سينمائية للجمهور الأردني وتلقى العروض إقبالًا دائماً وبشكل كثيف لمشاهدة الكثير من التجارب السينمائية المتميزة في العالم. كما وتقيم المؤسسة أسابيع سينمائية لجنسيات سينمائية عربية وعالمية. وكان آخرها أسبوع السينما التي تنتج في هولندا سواء الأفلام الهولندية أو المخرجين العرب الذين يحصلون على دعم هولندي، ولذا فمن أجل استكمال التبادل الثقافي فإن مهرجان روتردام السينمائي قرر إقامة هذه الأيام السينمائية.
في جانب آخر فإن الهيئة الملكية للسينما تقوم بتقديم كافة التسهيلات للسينمائيين الذي يريدون تنفيذ أفلامهم في الأردن سواء تلك التي تريد تحقيق أفلامها في أجواء الصحراء أو ضمن المواقع الجبلية المثيرة في منطقة البترا فإن الهيئة الملكية للسينما تقدم كافة التسهيلات لأولئك المخرجين، وهم بهذا يوفرون لهواة السينما في الأردن فرصة الاستفادة واكتساب الخبرة والتجربة الإنتاجية من تلك الشركات. وأيضا تقيم الهيئة الملكية للسينما دورات تدريبية وورش عمل في كتابة السيناريو والتصوير وهندسة الصوت وكافة العمليات الفنية اللاحقة. هذه النشاطات الثقافية هي التي حركت الواقع السينمائي في الأردن وبدأت بدايات تمكنت من المشاركة في المهرجانات العالمية وحصدت الجوائز سواء في تجربة فيلم «ديب» الروائي الذي يعتبر بداية لانطلاقة سينمائية ناجحة جدا تشكل دون شك حافزاً لكثير من المخرجين الطموحين في تحقيق سينما أردنية ذات نكهة خاصة بسبب طبيعة الأردن المتنوعة بين الصحارى والبحار والجبال.
مهرجان روتردام للفيلم العربي هو في حقيقته نافذة مهمة للتعريف بالسينما العربية التي تشهد تراجعا بسبب الأحداث السياسية الدرامية الحاصلة في المنطقة وبسبب انسحاب المنتج من السوق السينمائية حين ينسحب الناس من الشارع ويفضلون الانزواء في بيوتهم ويتعايشون مع جهاز التلفاز وما يقدمه هذا الجهاز من البرامج التي تكون السينما، والسينما الجادة، بعيدة عن برامجه السهلة، حين تنتفي حرية الاختيار في مشاهدة الفيلم والذهاب نحو الصالة السينمائية في طقوس العروض المظلمة والاستمتاع بالقيمة الفنية والجمالية للفيلم السينمائي. يدير هذا المهرجان ويشرف عليه السينمائي الشاب «روج عبد الفتاح»
الأردن سينمائيا بداية صحيحة وصحية لسينما جادة وجميلة .. ومواصلة تقديم الثقافة السينمائية ظاهرة ممتازة وهي مستمرة وأصبح لهذه الظاهرة جمهور سينمائي مواظب. هي ليست مجرد عروض بل تعقبها نقاشات وتقدم المعلومات عن صانعي الأفلام وأهدافهم الفكرية والفنية الجمالية. وبالمقابل فإن جمهور هولندا سوف يتمتع بمشاهدة تجارب سينمائية من بلد لم يكن قد عرف بالإنتاج السينمائي ولكنه دخل السينما بقوة وعرف كيف يختار البداية .. فالصحراء عالم واسع رحب وأفقه واسع والصحراء بعد ذلك لا تحتاج إلى ديكور يزينها .. هي الطبيعة وهي الأفق المفتوح أمام عين المتلقي.