قبل سنوات قررت أمانة مدينة الرياض جعل شارع المتنبي في حي الملز للمشاة، حيث أقامت مواقف مجانية في مساحات متاحة خلف بعض المباني المطلة على الشارع، ربما ثقافة المشي والتسوق لم يستوعبها سكان الرياض آنذاك، إضافة إلى أنه ليس هنالك فعاليات جاذبة في ذلك الشارع فهجر، وبقيت بعض المحلات، ولكن بقي الشارع جزءا من ذاكرة الرياض وتحديداً حي الملز.
وقبل أيام كانت هنالك دعوة من قبل المثقفين بأن يحول الشارع إلى تجمع للمكتبات ومحلات الكتب المستعملة، كان هنالك أكثر من وسم عبر تويتر، وكانت هنالك رغبة بأن يكون شارع متنبي الرياض شبيه بشارع متنبي بغداد أو أزبكية القاهرة أو حبوس الدار البيضاء.
وأعتقد أنها فكرة رائعة لعدة أسباب أهمها افتقار الرياض لمكتبات متخصصة لبيع الكتب باستثناء بعض المكتبات التي تعاني من قلة الرواد، وتشتت أماكن مكتبات بيع الكتاب المستعمل، وعدم وجود الإصدارات السعودية في أغلب المكتبات، حيث إن إصدارات الأندية الأدبية تتجاوز المئات ولا تتاح إلا في مقرات الأندية الأدبية أو معرض الكتاب.
ليكن شارع المتنبي شارعا ثقافياً بوجود عدد من المكتبات والمقاهي التي بكل تأكيد يلتقي بها الكاتب والقارئ، وليكن هو المكان الذي يتجه له كل زائر للرياض ليتعرف على النتاج الثقافي والفكري للمملكة، ليكن معرضاً دائماً للكتاب.
ربما يأتي من يقول هذا زمن الرقمنة، وكل كتاب يصل إلى أي مكان عبر الحاسب الآلي، ولا يحتاج إلى مكتبة ليعرض بها و يتكبد القارئ عناء زحام الطرقات وضياع وقت قد يحتاجه لأمر أهم لكي يتوجه إلى مكان به مكتبة ليشتري منها كتاباً، وأقول يبقى اقتناء النسخ الورقية بالذات من الأعمال الإبداعية أكثر متعة، وسيبقى الكتاب بنسخته الورقية حاضراً لسنوات طويلة، إضافة إلى ذلك ليست كل الكتب متاحة رقمياً بالذات القديمة، أمر أخير وهو حقوق الملكية للكتب الإلكترونية، كل من يقول أن الكتب متاحة إلكترونياً أو لنقل الغالبية لا يحصل على تلك الكتب عن طريق الشراء بل عن مواقع تخصصت بقرصنة الكتب وما أكثرها للأسف.
أمر آخر حين يكون الشارع يعج بالمكتبات ستجد الدوريات مكاناً لها في أحد الأكشاك الذي سيخصص للصحف والمجلات، وقد سبق أن تحدثت عن ظاهرة عدم وجود أكشاك بيع الصحف والمجلات في مدينة كبيرة كالرياض، وأكرر أقول إن المتعة الأكثر قراءة الصحف والمجلات ورقياً.
متنبي الرياض بكل تأكيد لن يكون مثل متنبي العراق، ولكن والوطن يتجه نحو الأفضل أتمنى أن يواكب ذلك حضور دائم للثقافة ومن ضمن ذلك مواقع ثقافية تنتشر في كل مدينة وقرية.
** **
- عبدالعزيز الصقعبي