هالة الناصر
قبل سنوات صدر قرار حكومي يلزم جميع الجهات الحكومية بالتعاطي مع الإعلام وعدم اهمال ما تنشره الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى من ملاحظات ونقد، والرد عليه بشكل فوري، وبعد هذا القرار بسنوات صدر قرار آخر قبل عدة أيام من قبل معالي وزير الاعلام بانشاء مركز تواصل حكومي لرفع كفاءة الأجهزة الإعلامية في الجهات الحكومية لمواكبة التحول الذي تعيشه المملكة، وهي خطوة أتت في وقتها المناسب حيث كانت أغلب الجهات الحكومية - بل والخاصة أيضاً - تجهل كيفية التعاطي مع الإعلام.
ولقد عشت تجربة كشاهد عيان على ذلك حيث شاهدت من أُولي امانة قيادة العلاقات والاعلام في منشأة ما، يحاول اقناع قائدها بتجاهل وسائل الاعلام وملاحظاتها لأنهم مجموعة من المغرضين، وآخر يحاول اقناع رئيسه بالعمل بعدم المبالاة بما تنشره الصحف من نقد وأحداث سلبية تخص هذه الجهة بأنه لا عليه منهم، فالناجح دائما محارب والاعلاميون لديهم ثأر مع منشأتنا.
منذ سنوات كنت استغرب أشد الغرابة عندما أقوم بزيارة سواء لجهة حكومية أو تجارية بأن صورتها الإيجابية في الإعلام أقل مما تستحقه وعندما أبحر في أسباب المشكلة أجدها تتعلق بالزميل الإعلامي الذي يقود ادارة العلاقات العامة والإعلام في تلك المنشأة، فأغلب هؤلاء ليسوا ابناء المطبخ الصحفي ولا علاقة لهم بفهم المشهد الإعلامي بشكل كامل، أو انه خريج علاقات لا يفقه في الاعلام شيئا وكل مواهبه تتمحور في ضمان حضور النصاب المطلوب من الإعلاميين ورصهم يمنة ويسرة حول كرسي رئيسه في مناسبات المنشأة، ليس من أجل المهنية والأمانة التي يقتضيها عمله بل من أجل ارهاب رئيسه بما يعرف من اعلاميين.
لا بد من الاعتراف بأن لدى العدد الأكبر من الجهات الرسمية وغيرها ضعفا مهنيا اعلاميا، حيث يستخف قادة تلك الجهات بدور وأهمية الإعلام ويتعاملون معه وكأنه ادارة هامشية لا علاقة لها بإنتاجية المنشأة، مع أنها هي علبة الهدايا الجميلة التي تقدم بها المنشأة نفسها للجمهور، اذا لم يقتنع كل من يرأس منشأة بأن الإعلام هو رأس حربة المنشأة وأهم ادارته واذرعته وسنده فسيجد بأنه غير قادر على الشريحة المستهدفة بجدوى ما يفعل، وسيظل تحت وطأة الصورة الذهنية المغلوطة عن منشأته، قرار معالي وزير الاعلام هو محاولة غير مسبوقة لحل المشكلة من جذورها ووضع الأمور في نصابها الصحيح.