أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: علم القاصي والداني أن علاقات عبدالعزيز بالدول العظمى (والعظمة لله وحده سبحانه وتعالى) إنما هي لصالح أمته العربية والإسلامية: سواء أكانت هذه العلاقات ودية، أم فاترة؛ أم متوترة؟؛ بل كلهم مجمعون على حماسته ومبادراته من أجل أمته.. إلا أن بعض السعوات ممن فكرهم غير سلفي: عللوا مساعي عبدالعزيز الحديثة بأنها صادرة عن التعصب الديني، والعصبية العرقية!!.
قال أبو عبدالرحمن: وهناك كاتب مشهور؛ وهو عضد لجمال عبدالناصر على مستوى السياسة والصحافة وخزانات المعلومات بمختلف اللغات؛ وهو المأخوذة كلمته بالاعتبار عند كثير من قراء العربية؛(وهو محمد حسنين هيكل): قد تكلم في كتابه عن المفاوضات والاتصالات السرية بين العرب واليهود؛ فطهر قلمه، ولم يلوثه بتهمة رجل فوق الشبهة دينا، وعروبة؛ أعني الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى؛ ولا غضاضة عليه إن لم يعرج على مواقف الملك عبدالعزيز المشرفة باستقصاء؛ وإنما تكلم؛ فجاءت تزكيته لعبدالعزيز؛ لبيان النموذج الأكمل.. على أنه في تقديمه لكتاب عبدالعزيز التويجري حاور وداور؛ ولذلك حديث بأتي إن شاء الله تعالى.. ثم إن مواقف الخونة، ومن هم مثل (حمادة إمام)؛ وهو غر حدث نكرة لا يحمل في كتيبه إلا الأسلوب الإنشائي الهزيل، ولا يحمل قائمة بمصادر معتبرة أو غير معتبرة؛ وكل ما أورده من نصوص قليلة: شاهد عليه لا له؛ وليس له غير رذيلة قلب الحقائق لا بالنص؛ بل بالتأويل الساذج الغبي؟!.
قال أبو عبدالرحمن: بعد أن قال لي أصحاب المكتبة بلسان واحد: كلامك جميل يا سيدنا الشيخ؛ ولكننا نسترزق الله في سوق التجارة، ولسنا في رواق المسجد أو الجامعة!!؛ فأخذت بضاعتي التي اشتريتها بأغلى الأثمان مكسور الخاطر من أخلاق كثير من الكتبييين الذين لا مبدأ لهم غير كسب المال الحرام بأي طريق دون رسالة محترمة يمليها دين أو منطق.
قال أبو عبدالرحمن: في سياق كل ما أوردته عن الملك عبدالعزيز: قرأت ثناأ عالميا عاما على كل ممارساته السياسية، وعزوا ذلك إلى صدق تدينه إسلاميا، وبعضهم أضاف إلى ذلك الأخلاق البدوية !!؛ وإنما هي الأخلاق العربية الحضارية وإن كانت لهجة أكثر عرب الجزيرة العربية: لا يعمى بها عليهم فهم اللغة الفصحى؛ وبيان ذلك أن اللهجة العامية في جزيرة العرب ليست لغة مستوردة؛ وإنما هي لهجة عامية مشتقة من اللغة العربية اشتقوها من اللغيات (وهي اللهجات العربية التي انحرفت بأشياء مثل الاختصار كتسهيل الألف المهموزة، وكثرة الاختصار مثل (وش هذا؟) بمعنى أي شيىء هذا؛ ولكنهم يفهمون دلالة اللغة العربية الفصحى وإن لم يملكوا النطق بها فطرة وسجية؛ ويفهمون ما تلقوه من علماء عصرهم عن تفسير العلماء في قرون دخول اللحن في لغة العرب أواخر الجاهلية وبداية ظهور الإسلام؛ وعبدالعزيز يتكلم بعامية قومه؛ فإذا راسل البلدان العربية والإسلامية كاتبهم بلغة فصيحة؛ كيف وهوفي حاشية ابن صباح مدة من الزمن يتعرف على الوافدين من الخواجات، ويستوعب أخبار وعقبى الحربين الكونيتين، ويعد للتعامل مع كل المتغيرات ما يليق بواقعها الراهن؛ وإليكم هذا الشاهد من تحليل (إدواربكنج) كتبه عام 1935ميلاديا؛ فقال ((إذا بحثنا عن يقظة الشعوب العربية: وجب أن نبحث عن شخصية ابن سعود؛ فهذا الرجل الذي ظهر في الجزيرة [العربية]، وأخذ ينشر دعوته بين العرب: قد أثار في النفوس شيئا من الحركة والنشاط..[لقد] أدركت فيه الشعوب أنها كانت في رقاد، وأن في وسعها أن تستيقظ.. وكل حركة في مصر وسورية وفلسطين يجب أن يبحث فيها عن صوت ابن سعود؛ فصوته بدوي [؟!!]؛ يدوي في آذان الجميع)).
قال أبو عبدالرحمن: هو بدوي بما أسلفته آنفا، وهو ذو فكر حضاري؛ ولقد مر (إدوار بكنج) مرور الكرام على مكانة الدولة السعودية في العالـم، وأن سياستها التوفيق بين اتجاهات الحكومات العربية والإسلامية، وأن ركيزة سياستها احترام حقوق كل دولة ، والوفاء بالعهود، وأن تتحد تلك السياسات على القطعي من أحكام الشريعة الإسلامية [ ولقد اتخذ عبدالعزيز مناسبات الحج التي يجتمع فيها العالـم العربي والإسلامي منبرا لبلورة ما يجب من ذلك الاتحاد]، ثم قال (إدوار بكنج) [وسأنقل النص باختصار، وتصرف طفيف يسهل به فهم النص]: ((وكانت نظرة الملك عبدالعزيز إلى الإطار الدولي ترتكز على أنه مجموعة مكونة من دول كبرى مسيطرة، وأخرى أقل تأثيرا.. ونظر إلى العلاقة بين الدول الإسلامية على أن الأصل فيها هو التعاون على ما هيأه الله لها من توحد في الدين فقها وعقيدة، وأن المشكلات بينها مجرد عوارض مؤقتتة.. لقد حرص الملك عبدالعزيز على تماسك الأمة الإسلامية لما استفحل النزاع السياسي بينها؛ ولهذا لما طلبت منه الدولة العثمانية بلسان والي البصرة (سليمان شفيق كمال باشا) بخطابه في1922ميلاديا إلى عبدالعزيز يسأله عن رأيه في استفحال الشقاق بين زعماء العرب؛ فنصحه الملك عبدالعزيز أن يدعو زعماء العرب بلا استثناء إلى مؤتمر لا سيادة فيه[عليهم]، ولا نفوذ للدولة العثمانية؛ فيختار زعماء العرب أحد أمرين: (الأول أن يترأس العرب حاكم واحد يختارونه، والثاني أن تكون بلاد العرب مستقلة إداريا وحدوديا، ويعين عليها أحد الأكفاء؛ وذلك بإشراف الحكومة العثمانية.. ولقد قدم عبدالعزيز هذه النصيحة للدولة العثمانية التي ناصبته العداء، وللحديث بقية تأتي إن شاء الله تعالى، ونص (إدوار بكنج)؛ وهو كاتب أمريكي: نقلته من مقال نشره الأستاذ (منيف الصفوقي) بجريدة الحياة في عدد يوم الجمعة 22-3-1422هجريا ص21، ولم أجد ما يفيدني عن هوية (إدوار).. وإلى لقاء في السبت القادم إن شاء الله تعالى, والله المستعان.