موضي الزهراني
عندما كشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» عن ارتفاع عدد البلاغات الواردة إليها إلى 10402 بلاغ لعام 2017 م، وذلك بزيادة فاقت 30 % مقارنة بالعام الذي سبقه الذي تلقت فيه نزاهة 6482 بلاغاً، فهذا دليل على أن الوعي الحقوقي لدى المواطنين بدأ يظهر على ساحة المطالبة بالحقوق بقوة، وأن التعاون من المواطنين والمقيمين مع الجهات المختصة ارتفعت مؤشراته عن السابق! بالرغم من المحاذير الكثيرة التي يعيشها المُبلغ قبل إقدامه على التبليغ، وخوفه من النتائج المترتبة على بلاغه! إلا أن ارتفاع نسبة البلاغات تؤكد بأن تقبل الظلم وهضم الحقوق بات مرفوضاً لدى الجميع في ظل سياسة حكومة الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان حفظهما الله. إلى جانب دور «نزاهة» في تسهيل عملية التبليغ من خلال موقع نزاهة الإلكتروني الذي بلغت نسبته 34 % من خلال تطبيق نزاهة على الأجهزة الذكية والحضور الشخصي بنسب متساوية بلغت 21 %! والمؤلم بأن قضايا الفساد المالي والإداري تصدرت البلاغات، فكانت قضايا اختلاس المال العام وتبديده في رأس القائمة بنسبة 37 %، تليها سوء الاستعمال الإداري بنسبة 21 %، ثم قضايا استغلال النفوذ العام! ومن أشكال الفساد المذكورة يتضح بأن الاختلاس وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ وسوء الاستعمال الإداري هي الأبرز، مما يتطلب أن لا تقتصر المعالجة على التبليغ والعقوبات فقط، بقدر حاجتنا للوقاية من انتشار هذا النوع من الفساد، وذلك من خلال اعتماد معايير مهنية عادلة في اختيار القائمين على المال العام، والقائمين على مصالح الوطن والمواطنين، والقائمين على إدارة أجهزة الدولة باختلافها من حكومية أو خاصة! وذلك للحد من استمرار الفساد الذي أساء لتقدمنا عالمياً! مما يؤكد على أهمية دور ديوان المراقبة في تقييم الأداء الحكومي، ومتابعة أداء الوزارات، ومراجعة المخصصات المالية لكل وزارة بشكل دقيق! فقائد الدولة الملك سلمان -حفظه الله- منح ثقته الكبيرة لكثير من قادات الوطن وخاصة الوزراء الذين يقيمون على مصالح المواطنين المختلفة، حيث خصص لهم مثلاً مبالغ مليونية من أجل استقطاب الكفاءات المميزة من ذوي الخبرة والكفاءة والجدارة لتطوير وزاراتهم، وهذا يتطلب أن تكون هناك مراقبة دقيقة لآلية اختيار هذه الكفاءات، وهل تستحق فعلاً هذا الاستقطاب الشهري أو السنوي؟ أم أن الأمر يخضع لمعايير لا تمت للمهنية بصلة؟! مع ضرورة تقييم هذه التجربة عى مدى تطور أداء كل وزارة وتقدمها في خدمة المستفيدين خلال كل سنة! وهل فعلاً تلك الكفاءات من خلال تخصصاتها نهضت بتلك الوزارة وخدماتها؟ أو أن الوضع كما هو عليه للأسف! فهذا بلا شك يعتبر تبديد للمال العام ولا بد من المحاسبة عليه وإيقافه إذا لم تثبت جدواه!