فهد بن جليد
الفتاة المصرية العشرينية سارة الجوهري ليست الوحيدة التي فعلت ذلك وأتقنته, ولكنَّها أكثر من نشر فيديوهات على اليوتيوب لترجمة صوت الآلات الموسيقية والأغاني والأناشيد الدينية والاجتماعية (بلغة الإشارة) لشريحة كبيرة من الصم, ونجحت في نقل الإحساس بترجمة الإيقاعات وأصوات الآلات الموسيقية وصوت الفنانين ليشعر بها بشكل كامل ولا فت من حرموا نعمة السمع, هذه التجربة تستحق التأمل من المؤسسات والجمعيات المعنية بتقديم الدعم والمُساندة لهذه الفئة لتصبح مشروعاً مؤسسياً, ولا تبقى فقط تجربة فردية حبيسة اليوتيوب، ناتجة عن مُعاناة شخصية لضعف سمع والد ووالدة الفتاة، ووفاة الأب في المُستشفى بعد أن عجز الأطباء عن فهم ما يشعر به من ألم والتدخل في الوقت المناسب، وهو ما دفع الفتاة لتعلّم لغة الإشارة للتعامل مع والدتها، و من ثم نجحت في نقل الإحساس الفني لملايين البشر عبر اليوتيوب .
لم يدر بخلدي يوماً ما أنَّ الفنانين عليهم واجب تجاه هذه الشريحة العزيزة، يُلزمهم بضرورة ترجمة بعض أغانيهم وألحانها وإنتاجهم الفني لفاقدي لسمع بلغة الإشارة، ليصل إحساسهم ورسالتهم الفنية التي لا يجب أن يحرم من الشعور بها من فقد قدرته على السمع، فتجربة سماع الأغنية ورؤية ترجمتها بلغة الإشارة (الأصوات الموسيقية، الألحان، الغناء) تمنحك شعوراً وإحساساً غريباً وكبيراً جداً وخاصاً، يعكس بالفعل أهمية مثل هذا المشروع والفكرة في حياة هذه الشريحة العزيزة والغالية، كحق إنساني لهم.
تنفيذ مثل هذا المشروع والفكرة، لن يكون مُكلِّفاً مادياً، وسيدعم مُترجمي لغة الإشارة السعوديين عندما ينخرطون في ترجمة بعض الأعمال الفنية الوطنية والعاطفية والأناشيد الدينية أو حتى الشيلات، وحتماً الأمر سيكون له أثر كبير على حياة هذه الشريحة, الذين قد نخفق بالشعور بهم لبعض الوقت وكأنَّهم معزولون عن حياتنا بسبب ضعف قدرتهم على السمع، لكن هذا بكل تأكيد لا يلغي حقهم في الحصول على المشاعر والأحاسيس الكاملة التي يحصل عليها أي شخص عادي يستمع لهذا النتاج الفني، وقد يمتلكون من المشاعر والأحاسيس الصادقة ويتأثرون بها، أكثر ممَّا نملكه وندعيه، وهو ما يؤكّد حاجتهم لتلك المنصة الفنية المفقودة، والتي تنقسم مسؤوليتها - برأيي - بين الفنانين والمؤسسات الفنية وجمعية الثقافة والفنون من جهة، وبين مُترجمي لغة الإشارة وجمعيات الصم من جهة أخرى .. فمن يبادر قبل الآخر؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.