نظم مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية الثلاثاء الماضي ندوة حول دور مراكز الفكر في بناء الوعي الوطني في عصر الاضطرابات الرقمية والسياسية. وشارك فيها نخبة من قادة هذه المراكز في المملكة. وجاءت هذه الندوة بالشراكة مع برنامج مراكز الفكر ومؤسسات المجتمع المدني التابع لجامعة بنسلفينيا الأميركية، وبالتزامن مع مؤتمرات تناقش ذات الموضوع حول العالم، وتكتسب هذه الندوة أهمية كبيرة من كونها الأولى من نوعها في المملكة.
وفي كلمته الافتتاحية أكد رئيس مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية الدكتور محمد السلمي أن رؤية التنمية الشاملة 2030 ساهمت في إيجاد توجه حكومي جديد لتسهيل إصدار التراخيص لإنشاء مراكز الدراسات الخاصة، وأشار إلى أن قضية التمويل تظل هاجساً مستمراً لأصحاب المؤسسات البحثية لاعتمادهم على دعم الأفراد في المقام الأول.
وأكد د. السلمي أن مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية يهدف إلى تجاوز التعامل مع إيران كمصدر تهديد لتقديم فهم أعمق للحالة الإيرانية وكشف الواقع فيها أمام صانع القرار، وأشار في الوقت نفسه إلى أن المركز يطمح لأن يكون له دور كبير في الجمع بين البحث الأكاديمي وتقديم الاستشارات للنخب المتخصصة. وشدد في هذا الإطار على ضرورة أن تدعم الحكومات مراكز الأبحاث لأنها رافد مهم لعملية صناعة القرار.
وركز المشاركون في الندوة من جانبهم على أهمية مراكز الأبحاث وما يصدر عنها كونه بمثابة دليل استرشادي لصناع القرار. وأشاروا إلى أن وجود مراكز الفكر وانتشارها يعتبر مقياس لتطور المجتمعات ومقياس لحالة النضج السياسي، معتبرين أن الاعتماد على المعلومات القائمة على البحث والاستفادة منها أحد أسباب القوة.
وحول الوضع الحالي في الدول العربية أكد المشاركون أن هذه الدول تمتلك 580 مركزاً بحثياً تشكل 7.49% من مجموع المراكز حول العالم، رغم دورها الفعال والمؤثر إقليمياً ودولياً. ففي إيران مثلاً هناك 59 مركزاً بحثياً، أما إسرائيل فهناك 58 مركزاً تصوغ سياساتها في جميع المجالات، وفي مصر يوجد حالياً 53 مركزاً، بينما يوجد في تركيا 32 مركزاً، وفي العراق 31، وفي فلسطين 28، واليمن 22، تضم الأردن 21 مركزاً بحثياً.
وشدد المشاركون على الدور الذي يمكن أن تلعبه مراكز التفكير الإستراتيجي في تحقيق رؤية 2030، وأوضحوا أن هناك 543 مبادرة أطلقتها 26 جهة جميعها أكدت أهمية دور هذه المراكز في مستقبل المملكة. كما أكد قادة مراكز الفكر في المملكة على أهمية ارتباط هذه المراكز بالفضاء الإعلامي كونه الوسيلة الأنجع لمساهمتها في نشر الوعي وتبيان حقائق الأمور في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية نظراً لما تملكه من معلومات موثقة تستند إلى دراسات معمقة تجعلها ذات مصداقية عالية لدى المتلقي، وأشاروا أيضاً إلى أهمية حضور هذه المراكز على منصات التواصل الاجتماعي لتعزز من قدرتها على التأثير.
وأكد قادة مراكز الفكر على ضرورة أن تحدث الجامعات السعودية مساراتها التعليمية لتساهم في صناعة الباحثين والمحللين الذين تحتاجهم مراكز الدراسات لتواصل مسيرتها.