د. خيرية السقاف
لا شك في أن المرأة الأم, التي بين يديها أطفال لا يزالون في مرحلة الحضانة من الموظفات العاملات, يحتجن لمن يرعى صغارهم من لحظة انتهاء إجازة الوضع, إلى حين بلوغهم سن المدرسة, وأيضًا في أثناء ساعات عملهن..
لذا درجت المجتمعات في أنظمتها على إنشاء الحضانات, بعضها تابع لجهات العمل, كالمؤسسات التعليمية, وبعضها تتولاه وزارات العمل والشأن الاجتماعي, وبعضها تتولاه الجامعات لهدفين, أولهما التدريب, والتطبيق في مجالات التخصص, وثانيهما خدمة منسوبيها, تشابها مع المستشفيات الجامعية, وتلك الخاصة ببعض مؤسسات المجتمع الأمنية, والعسكرية..
فالحضانة لا تقل أهمية عن المشفى, ولا عن المدرسة فإذا ما قورنت بمحضن الأم الواعية الناضجة الحريصة فإنها منوطة بفئة هم عماد مستقبل الأجيال, وبمقارنتها في لحظة بمحضن عاملات المنازل, فلسوف ندرك بالغ البون الشاسع ونتائجه, ومحصلاته سلوكًا نفسيًا, وفكريًا, وفراغًا ذهنيًا, بل يمتد أحيانا إلى المؤثر الأخلاقي, واستقامة اللسان لدى الصغار..
درجت الآن عديد من مؤسسات المجتمع بالالتفات إلى أهمية الحضانات, سواء الملحقة بالمدارس على قلتها, وحاجة المنسوبات الكثيرات للتعليم, أو جاءت ملحقة بمؤسسات أخرى..
ولقد لفتني خبر خطوة «هيئة الإذاعة والتلفزيون» بوزارة الإعلام عن إيجاد حضانات لإلحاق أبناء منسوبات القطاعين الكبيرين بها, تحتويهم ساعات عمل أمهاتهم, هدفها توفير الخدمة لهم معًا.. هذه الخطوة وإن جاءت ضرورة, تنم عن وعي بحقوق المرأة العاملة, إلا أنها بادرة أولى في هذين القطاعين, ما يوفر للمرأة الإذاعيِّة الاطمئنان على صغارها, فيأتي عطاؤها عن نفس مطمئنة, وثقة في جهة عملها, والشعور بالأمان الوظيفي..
وحيث فتحت المجالات المختلفة لعمل المرأة فإنه قد آن لمؤسسات المجتمع جميعها أن توفر الحضانات لموظفاتها, كجزء من الواجب, والحق لها..
تحية خاصة لذي الخبرة (داود الشريان), فقد بدأ حبر عمله يخط فوق الصفحات خطواته في جمل ناصعة..
وفقه الله.