د.خالد بن صالح المنيف
# لن تعفيك الدنيا من الخصوم!
# ولن تغادرها خاليًا من الأعداء!
# ولن تنعمَ يومًا دونَ كارهٍ لك!
# إنْ نجحْتَ فسيظهر لك أعداءٌ!
# وإنْ تقدَّمْتَ فهناك مَن يتربَّصُ!
# وإنْ تميزتَ فثمة بشر يعادونَ التميز، ويرونه احتقارًا لذواتهم!
ولكنَّ السؤال: هل كلُّ عدوٍّ نقمةٌ!
وهل وجودُ الخصوم بجملتهم شرٌّ لنا؟
فرقٌ بين عداوة تُصنَع من سوء تدبير وقلة أدب ووقاحة سلوك، وبين عداوة يصنعها التفوق والنجاح!
بعضُ العداوات باطنُه فيه الرحمةُ وظاهرُهُ من قِبَلِهِ العذابُ!
قال حكيم: «لا تثريبَ عليكَ إنْ كرهتَ حضورَ المواقف السلبية والسلبيين.. لكنَّ اللومَ يطالُكَ إنْ لم تستفِد منها!»
وما أروعَ تلك المقولة: «عندما تجد نفسكَ في حفرة، فأولُ خطوة للخروج هي أنْ تتوقفَ عن الحفر، ثم ابحثْ عن وسيلة للخروج، ولا تنسَ أنْ تملأ جيوبكَ بالتراب!»
وقال (الشافعيُّ) - رحمه الله- في فضل الأعداء:
عِداتي لهم فضلٌ عليَّ ومِنَّةٌ
فلا قطعَ الرحمنُ عنّي الأعادِيا
فهمْ بَحَثُوا عن زَلّتي فاجتنبتُها
وهمْ نافَسُوني فارتقيتُ المعاليا
بعضُ العداواتِ التي ساقها لك نبوغُكَ وتفوُّقكَ تحمل معها نعمًا عظيمة ومنحًا جليلة!
وأنا هنا لا أدعو لاستجلاب الخصوماتِ وصناعة الخصوم؛ فهي طيشٌ وحمقٌ وضَعفُ عقلٍ وبضاعةُ السُّفهاءِ!
ولكنَّ هناك من الخصوماتِ ما لا تستطيع دفعَه، ولا تقدرُ على ردِّه!
يكفي أنها تجلي لك معادنَ البشر!
تُميِّز لكَ المُحبَّ مِن الكاره،
والحاقد مِن الناصح!
يقول (إيليا أبو ماضي): «لو تعمَّق المرء مليًّا في استجلاء الأشياء وأسرارها لشكَرَ عدوَّه كما يشكُر صديقَه!»
العدوُّ ينمِّي فيك ملَكةَ الصَّبر، ويقوّي عندكَ مهارةَ الهدوء..العدوُّ يجعلك تعرف قدْرَ الصَّديق!
العدوُّ يذكِّركَ بأخطاء ربما سكتَ عنها الصديقُ وتعامى عنها المحبُّ!
المرض عدوٌّ... لكن هو مَن حرَّكَ الأطباء والمختصين لإنفاذ البشرية من الأوبئة والأمراض!
الفقر عدوٌّ .... لكن هو مَن دفع الأغنياءَ وحرَّضَهم على مجانبته بالاستثمار والمشاريع!
الجهل عدوٌّ .... لكن هو مَن حفز البشر لطلب العلم واكتشاف المعاني!
الجوع عدوّ ٌ..... ولكنه ذو فضل ويد بيضاء، ولولاه ما كان هذا الإبداعُ والتنوعُ في صناعة الغذاء!
القلق عدوٌّ .... ولكنه بدونه لن نعتني بصحة، ولن نهتم بالتربية، ولن نسعى لرزق!
الحرب عدوٌّ .... ولكنَّ الأمم التي لا تخشى عدوًّا، ولا تترقب هجومًا تتخدَّر وتستسلم للترف والقعود، وتسترسل مع المُتع والشهواتِ فيدبَّ الضَّعفُ فيها!
الأزماتُ عدوٌّ ....... لكن مَن يعلِّمُنا غيرها؟ فهي أعظمُ معين بعد الله في تقوية الذات واكتساب الخبراتِ وفهم الحياة، فلا شيء يخونُ البشر والمجتمعاتِ مثل الرِّخاء!
النقد عدوٌّ ...... ولكنه يجلي لنا ما خفِيَ علينا ويوضح ما غاب عنّا من أخطاء! ولكن انتقِ الناقدَ بعناية، يقول (جون سي ماكسويل): «عندما نداوم على تسجيل الأخطاء التي ارتُكِبَتْ ضدّنا نكشف بذلك عن قلة النضج والنقص في الإدراك لدينا، فالذين لا يسامحونَ بالغالب لا ينجحونَ!»
والآن هل عرفتَ قيمة وجود الأعداء؟