فيصل خالد الخديدي
البوهيمية، مصطلح أطلق في البداية على الغجر القادمين من بوهيما إلى فرانسا، ثم أصبح يطلق على من يعيش بنمط حياتي غير مألوف ولايضع حدودا لأفكاره وإبداعاته وأسئلته الوجودية، ويسقط من سلوكياته قيم وثوابت المجتمع ويتمرد عليها بشكل عفوي، وقد وصف قاموس الأكاديمية الفرنسية البوهيمي بأنه: ”من يعيش حياة التشرد وحياة غير منتظمة بدون موارد مضمونة، ومن لا يقلق حيال الغد“، وفي قاموس الكلية الأمريكية وصف بأنه: ”شخص ذو ميول فنية أو فكرية، يعيش ويتصرف من دون أي اعتبار لقواعد السلوك التقليدية“.
وفي معجم المعاني الجامع جاءت كلمة (بوهيميّة) بمعنى (الفلسفة والتصوُّف وهي طريقة في الحياة تقوم على التسكُّع واللاّمبالاة بالوضع الاجتماعيّ أو المعيشيّ وعدم الاهتمام بالمصير والمستقبل)، ومن الرؤى الايجابية للبوهيمية ما ذكره الناقد سعيد السريحي فيرى البوهيمية (عبارة عن تمرد على مجتمع صناعي تقني وتمرد على ظروف سياسية كانت سائدة في أوروبا الخارجة عن عباءة الحرب وعباءة الاستعمار، وهي محاولة لتفجير الطاقات الخفية للإنسان)
وفي الفنون التشكيلية كانت النظرة في الأفلام والإعلام للفنان التشكيلي أنه إنسان بوهيمي بشعره المبعثر وشخصيته غير المتزنة وملابسه المتسخة وأنه شخص لامبالي يسعى وراء شهواته، دون أن يكون صاحب فكر أو رسالة أو إبداع مع أن البوهيمية نمط حياة لها فلسفتها الحقيقية والعميقة وتقوم ببساطة من وجهة نظر جمالية تكرس الجمال والابداع في المنجز على حساب ماسواها من مظاهر وشكليات وتعمل على تفجير الطاقات الكامنة للذات المبدعة دون النظر في قيود المجتمع الشكلية وإن الابداع لاحد له ولاقيد، وحتى البوهيمية لم تسلم من الأدعياء والباسها ثوب الموضة والصرعات، ولكن يبقى الفنان البوهيمي بطبيعته البسيطة غير المكترثة للبرستيج ولا المهتمة بالغد والمنغمسة في العمل الفني واحساسه هي الأصدق والأبقى، وظهرت العديد من النماذج البوهيمية في الفن عالمياً ومحلياً توحدت فيهم بعض الصفات من لامبالة، والاهتمام بالبشر لابتعاملاتهم، والحياة للاستمتاع وليست للاختبار, والحياة تستحق أن تعيش يومها دون التخطيط للغد ومابعده، وأن الأثر العميق الذي يتركونه خير من الصورة الأنية والعلاقات الاجتماعية الشكلية.