د.محمد بن عبدالرحمن البشر
بدأت المملكة حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، والاجتماعية، قبل فترة وجيزة بمقياس الزمن اللازم للإصلاح في العالم، وكان ذلك نابعا من قناعة تامة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، الذي أخذ على عاتقه النهوض بالمملكة لتكون في مصاف الدول المتقدمة، مع علم سموه التام أن ذلك ليس بالأمر اليسير لكن العزيمة والرؤية السديدة لدى سموه، أنارت لسموه الطريق، وكان طموح سموه الوقود الذي أدار به آلة هذا النهج الإصلاحي الذي يسابق الزمن، متسلق قمم الجبال، لتحقيق الآمال.
يعلم الجميع أن النفط كان عصب الاقتصاد للمملكة وبعض من دول المنطقة، ويعلم الجميع أن النفط بسعره الحالي، وأهميته، لا يمكن أن يستمر عبر السنين المتلاحقة، ولهذا وبرؤية سمو ولي العهد الثاقبة، حرص على الاستفادة من النفط في الوقت الحاضر، لبناء دولة عصرية حديثة.
كانت الرؤية نقطة الانطلاق، فلا إصلاح دون رؤية، ثم تبع ذلك هيكلة الاقتصاد بحزم مدروسة ومتعاقبة لتحقيق الأمل المنشود، وكان الأمل في زيادة الإيرادات غير النفطية وزيادة نسبتها في الميزانية العامة، وهذا ما تحقق في فترة وجيزة وبمقدار كبير، وأمر هام وهو منح قروض للمشاريع الصغيرة المتوسطة، ليتاح للشباب السعوديين الطموح فرص الانطلاق، وتوظيف عدد من أبناء الوطن، وهذا ما بدأ فعلاً، ولا بد أن جني الثمار الكثيرة سيكون قريباً بإذن الله، أما المشاريع الكبيرة فهي كثيرة ومتعددة، ولقد سمع العالم جميعاً بمشروع النون، في شمال غرب المملكة، وهو مشروع فريد كبير، سوف يكون لصناعات التقنية حصة كبيرة فيه، وبالذات التقنية المستقبلية، وليس القائمة فحسب ويلاحظ لجميع الخطوات الاستثمارية والاستحواذية التي تقوم بها شركة أرامكو، وسابك، وغيرها من الشركات السعودية العملاقة، وهذا هو الوقت المناسب طالما أن النفط سوف يوفر بعضاً من المال اللازم لهذه الاستثمارات، وإنشاء البنية التحتية اللازمة، ومن ثم تقليل الاعتماد عليه من خلال إيرادات هذه الاستثمارات ليتم إعادة استثمار جزء من الإيرادات، لمزيد من التوسع والنماء.
لتحقيق هذه الغاية كان لا بد من وضع بناء إداري هيكلي من القمة الهرمية إلى أدناها، فكانت الهيئات واللجان المتخصصة، وتقسيم الصلاحيات ورسم الخطط العريضة والواضحة لا أسلوب العمل للوصول إلى الهدف المنشود.
لذا كان للمتابعة، والمراقبة، والمحاسبة، نصيب هام من الإصلاحات، وهذه ستحقق الرفع من الجدارة، ووضع بيئة مناسبة للاستثمار، سواء برؤوس أموال محلية، أو رؤوس أموال أجنبية.
إن بيئة الاستثمار تحتاج إلى عدد من العوامل، أهمها الأمن، وهذا ولله الحمد ما تنعم به المملكة رغم ما هو معلوم من أمن غير مستقر في عدد من الدول المجاورة، ولهذا فإن الحفاظ على الأمن في ظل هذه الظروف، تعتبر نقطة مضيئة للمملكة العربية السعودية، ووسام تتقلده قيادة هذه البلاد المباركة، لذا فقد تحقق الأمن والحمدلله، وكذلك تمت الهيكلة، وبقي عدد من العوامل الأخرى المؤثرة، فمثلاً الحفاظ على سعر نفط يحقق مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، كان هدفاً سعت إليه المملكة، فبذلت جهداً كبيراً لإقناع الدول داخل وخارج أوبك للتعاون في سبيل ذلك، وكانت المملكة وما زالت ملتزمة التزاماً تاماً بالحصص المتفق عليها، حتى أن نسبة الالتزام للدول المتعاونة في هذه المجال وصل إلى نسبة وصلت في إحدى الفترات إلى 128 %.
والنقطة الهامة الثانية هو الرفع من كفاءة إنتاجية المواطن السعودي، وكذلك عدد ساعات العمل، وهذا ما سعت إليه الهيكلية الادارية، وقد لاحظ الجميع تغيراً واضحاً في عدد ساعات العمل وكفاءة الإنتاج لدى الشباب السعودي الطموح، الذي وضع يده في يد القيادة الكريمة لبناء هذا الوطن، الذي ينعم بمكانة سياسية واقتصادية مميزة في جميع أنحاء العالم.
اتخذت القيادة الكريمة، قرارات هامة تتعلق بالناحية الاجتماعية، لتواكب المملكة ودول العالم.
ومن أهم تلك القرارات التوسع في توظيف المرأة، وتقلدها مراكز قيادية، وإعطائها الفرصة للإبداع، وقد رأينا عدداً كثيراً من فتيات المملكة يشاركن في بناء هذه البلاد، وأصبح وجود المرأة أمراً طبيعياً سواء في البنوك، أو الدوائر الحكومية وكذلك الشركات الخاصة. إضافة إلى قيامها بإنشاء مؤسستها الخاصة، ودخولها مع شركاء آخرين لإنشاء شركات خاصة بهم، وهكذا أصبحت المملكة اليوم بفضل من الله، ثم بفضل من القيادة الحكيمة، والرؤية التي سهر عليها وما زال يسهر عليها صاحب السمو الملكي ولي العهد حفظه الله ورعاه.
حفظ الله هذه البلاد، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.