أ.د.عثمان بن صالح العامر
من أبرز المشكلات التي تعترض المعيدين والمحاضرين خاصة العنصر النسائي وعلى وجه أخص من يعملن منهن في الجامعات الناشئة الحصول على قبول في برامج الدراسات العليا التي تعلن عنها الجامعات السعودية ذات السبق العلمي والتاريخ الأكاديمي الطويل، حيث التنافس على المقاعد المحدودة في الجامعات الأم شديد، ولا مزية تذكر للمعيدات والمحاضرات إلا في جامعة واحدة أو اثنتين بحسب علمي، ومع أن هذه المعاناة تتكرر في مثل هذه الأيام كل عام، فإنه لا يلوح في الأفق حل جذري يُذكر، بل إن الأمور صارت تتعقد أكثر من قبل، إذ صارت مجالس الأقسام المختصة في الكليات تلزم المعيدة والمحاضرة بحصولهما على قبول من جامعات بعينها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ولا يمكن لها أن تلتحق بغيرها مهما كانت الأسباب.
عدد من الجامعات الناشئة - بحسب علمي - بادرت هذا العام إلى حصر هذه الحالات محاولة لحل مشكلتهن والحصول لهن على قبول في برامج الدراسات العليا بجامعاتنا السعودية، وهذه خطوة رائدة ورائعة تستحق الإشادة والتقدير والشكر والثناء، ولكن في نظري أن هذا الحل يبقى حلاً مؤقتاً وغير مضمون، ولا هو جذري ودائم ولا يمكن أن ينجح في كل التخصصات، ولعل من بين الحلول إبرام اتفاقيات ثنائية مع جامعات سعودية أو حتى أجنبية لتخصيص مقاعد مدفوعة التكلفة للجامعات الناشئة دون أن تخضع المبتعثة للدخول في دائرة المنافسة، ويمكن أن يكون التدريس في مقر عمل المعيدات والمحاضرات إذا كان العدد كافيًا وأمكن التوصل إلى اتفاقية تجمع بين المصلحتين، وحظيت هذه الاتفاقية أو مذكرة التفاهم بقبول الطرفين.
إن بقاء الحال على ما هو عليه سيضر جزماً بمستقبل العملية التعليمية في هذه الجامعات خاصة الأقسام النسائية، وسيكون هناك فجوة كبيرة لصالح الوضع الراهن على ما ستئول إليه الأمور بعد سنوات معدودة حيث الاستغناء عن العنصر غير السعودي بإرادتنا أو جبرًا علينا، وحيث التطبيق المنتظر لنظام الجامعات الجديد، وحيث امتلاك عضو هيئة التدريس المؤهل حرية الاختيار في الانتقال من جامعات الأطراف إلى الجامعات العريقة في مدننا الكبرى وحيث ...وحيث ...من جهة ثانية الأصل في المعيدين والمحاضرين أنهما مشروعان لعضو هيئة تدريس، ولذا فإرهاقهما بأعباء إدارية وإلزامهما بالحضور يحرمهما فرصة الاستفادة العلمية والتكوين المهاري ومتابعة الجديد في التخصص، والذهاب للمكتبة والسفر والترحال وراء ما يمكن أن يكون خادماً لهما في الحصول على ما يؤسس علمياً، ويؤهلهما تأهيلاً مهارياً بصورة جيدة في هذه المرحلة الأكاديمية المهمة في مسار حياتهما العلمية والعملية.
إن هؤلاء المعيدين والمحاضرين ثروة وطنية لا تقدر بثمن، هم اليوم في مرحلة الإعداد والتكوين ليكونوا أعضاء هيئة تدريس جيلنا القادم، فحري بإدارات جامعاتنا الموقرة العناية الحقيقية بهم وإسناد متابعتهم وإرشادهم معرفياً وعلمياً للأساتذة في القسم التابعين له حتى يتسنى لهم التعمق في التخصص والتفكير الجاد من الآن في مواضيع لرسائلهم وأبحاثهم العلمية المستقبلية، وهذا ليس ترفاً ولا هو نافلة، بل واجب عليهم ليكونوا على مستوى المسئولية الأكاديمية التي تنتظرهم في جامعاتهم قادم الأيام بإذن الله. دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.