رقية سليمان الهويريني
مؤخراً نُفذ بمدينة الطائف حكم القصاص في قاتل أطفاله الثلاثة (تعزيراً)! ومجرد التفكير بالأمر يعد مؤلماً فكيف بممارسته؟! وقد زاد الحديث حول العنف والإيذاء وازدادت حدته في الآونة الأخيرة، وهذا لا يعني عدم وجوده في وقت مضى بل إنه استفحل وبرز حتى وصلت مستويات العنف درجة الموت والهلاك، وهذا ينذر بكارثة إنسانية يمارسها البشر ضد بعضهم.
وإن كان من الطبيعي أن يكون للوالدين الأحقية في تربية أطفالهم وتوجيههم وحمايتهم من المخاطر، إلا أن الإفراط بفهم حق الوالدين وفلسفتهم بتربية أولادهم وحريتهم المطلقة قد ينجم عنه الإساءة للطفل، وهنا ينشأ الخلل في المعادلة بين التأديب والإساءة والعنف! مع إدراك أن ثمة بواعث تدفع المحيطين بالطفل للعنف ضده؛ أهمها الجهل بأصول التربية وسلبيات العنف الجسدي والنفسي، إضافة إلى الضغوط النفسية عند الوالدين أو المربين كالإحباط، والفشل، والحرمان، ومحاولة إثبات الذات، وحب السيطرة، والخوف، والانتقام والضغوط الاجتماعية كالفقر، والبطالة، وتعاطي المخدرات والخلافات الزوجية.
ولابد من معالجة العنف كمرضٍ نفسي وخللٍ سلوكي قبل مقاومته كونه ردَّ فعل أو انفعالاً أو دوافعَ ذاتية، ومن المؤكد أن الشخص العنيف في تصرفاته يعد مريضاً يحتاج لعلاج وتصحيح مفاهيم، ومعروف أن ظاهرة إيذاء الأطفال محلياً وعالمياً ليست بالجديدة بل هي قديمة، ففي عصر الجاهلية كان هناك وأد للبنات وقتل للأطفال خشية إملاق، وتفضيل الذكور على الإناث.
وبعد ظهور الإسلام صححت الأفكار وتم تبصير النفوس الجاهلة نحو المظاهر السيئة كونها جرائم إنسانية توعد الله عز وجل مرتكبيها بأشد العقوبات وليست عادات كما كان ينظر لها في الجاهلية، إلا أن العنف استمر منذ مئات السنين وحتى عصرنا الحاضر وأخذ أشكالاً متعددة؛ أكثرها شيوعاً وانتشاراً الإيذاء النفسي المتمثل باللفظ، والإيذاء البدني والإيذاء الجنسي والإهمال.
ولسنا هنا في مجال التنظير بقدر الحاجة الماسة لإيجاد الكيفية والسبل لمواجهة هذه الظاهرة والتغلب عليها من خلال وضع الإجراءات الإدارية الحازمة، وسن التشريعات القانونية والنظامية والقضائية الصارمة للحد من العنف الموجه ضد الطفل، والقضاء عليه نهائياً.