مها محمد الشريف
لا يمكن أن يتغير الحاضر إلا عندما يؤمن الإنسان بالسلام بدلا من الحرب في حل الأزمات، وينبذ صور العنف ويحرر الذات من ميل طاغي لتحويل حاضر الأمم على نحو آخر مغاير لهذه الحياة الحديثة المتوترة، فالمسألة برمتها هي مسألة إرث قديم اصطدم بالتعويذة السياسية فكانت حالة غليان تتعثر على ضوئها المشاريع التطويرية وتستغل أهدافها ونتائجها لتصبح محل تهديد لأنماط التفكير البشري.
وقد ترافق ذلك مع الأوضاع الأمنية في عدن في أعقاب يوم غليان شهدته العاصمة اليمنية المؤقتة، إذ هاجم مسلحون تابعون لما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي»، مقرات حكومية واشتبكوا مع القوات الأمنية، كل ذلك أسفر عن مواجهات مسلحة ذهب ضحيتها ما يفوق العشرات بين قتيل وجريح، فحين يختفي التوازن تتصاعد الخلافات وتتراجع سبل التوافق والاستراتيجيات، وتظل الظروف قيد المصير المجهول.
وإذا كانت الفرق المتنازعة تنظر إلى تلك الفوضى بأنها ضرورية لإنتاج القوة والسيطرة، فقد أبعدوا صفوفهم بشراسة عن الاستقرار، فكل المدن في اليمن تحتاج إلى النظام والتشريعات والقضاء على مليشيات الحوثي الإيرانية التي عاثت فسادا وقتلا وتنكيلا في البلاد.
في حين استحالت السياسة أن تجد حلولا للتداخلات الناجمة عن الصراعات والمشكلات على المستوى الدولي، ونعلم تماما كم جزء في قارة آسيا يعاني من الحروب والانقسامات والأعمال التخريبية والتفجيرات وقتل آلاف الأبرياء وإبادات بشرية لأنهم غير قادرين على حماية أنفسهم من الممارسات الوحشية التي سادت.
وفي الجزء الشرقي من قارتنا الكبيرة الشاسعة تستخدم كوريا الشمالية أسلحتها النووية التي طورتها مستهدفة الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية، والتهديدات قائمة بين الكوريتين لإعادة تشكيل الخارطة التي ترسمها الولايات المتحدة التي جاء على ذكرها ترامب في عدة خطابات رسمية بمحو النظام الحاكم الكوري الشمالي من الخريطة الدولية، وكذلك الحال ما هدد به وزير دفاع كوريا الجنوبية بمحو الجارة الشمالية من الخريطة في حال استخدامها أسلحة نووية ضد بلاده أو ضد الولايات المتحدة التي تبحث عن السيطرة لتوظيف مصالحها كضريبة لكل قوة كبرى!!!
فخلال العقد الأخير تضاعفت الأعباء وشهد العالم مبيعات ضخمة من الأسلحة العسكرية والمعدات الأكثر تقنية والأشد خطورة على حياة البشر. ثمة لغز غامض يفوق عشرة أضعاف أدواتهم ومعداتهم الفتاكة تعيد إلى الأذهان ذلك السؤال المتكرر: هل هي محاولة لجعل هذا الوجود محفوفاً بالمخاطر وفرصة انتقامية؟ وانعدام لمعنى الحياة؟
وهكذا فقد بات العالم يشعر بعبء كبير تجاه الركود الاقتصادي والسياسات المتناقضة وتطوير الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية والتغلل الأمريكي في الداخل لهذه الدول الصناعية، الصين واليابان والكوريتين مستغلة صمت الشعوب وحريتهم المحدودة، وتدرك الواقعية السياسية طريقها والسبب لخلق حالة من الفوضى واندفاع غير محسوب العقبات وويلات الهزيمة وتقاطعات الطرق مع الحلفاء في القارة الآسيوية.