ياسر صالح البهيجان
اعتادت عدد من الجهات الحكومية والخاصة على الإعلان عن برامج تدريبية تنتهي بتوظيف المتدربين المواطنين، وتظهر إعلاناتها بطابع جمالي يحفّز الشباب على المسارعة في التقديم على أمل شغل وظيفة تريحهم من صداع البطالة، وبعد أن ينتهي البرنامج التدريبي تنطلق المبررات الواهية والمخيبة لطموحات المتدربين، ومعظمهم لا يُمنح حتى إثبات خبرة أو شهادة تدريب.
هل ثمة جهة مسؤولة تراقب مدى التزام تلك الجهات بما تعهدت به في إعلاناتها؟
تداخل المسؤوليّات بين الجهات المعنية بالقطاع الحكومي (وزارة الخدمة المدنية)، والمسؤولة عن القطاع الخاص (وزارة العمل)، أشرع الباب أمام المتلاعبين بآمال الشباب، ولن أسمي ما تفعله الجهات المتلاعبة إلا تضليلاً للرأي العام، ولا بد من فرض عقوبة تتناسب مع حجم الجرم بحق المجتمع وأفراده، والحال كذلك مع إعلانات التوظيف الوهمية التي يُراد منها إبراز دور المنشأة بوصفها حريصة على التوطين، بينما تتعمد وضع العراقيل والاشتراطات لتنفير المواطن وتعجيزه، ولإيجاد مبرر لاستقطاب العمالة الوافدة بحجة أنه لا يوجد مواطن متقدم تنطبق عليه شروط الوظيفة!
ومن يطالع إعلانات التوظيف يجد العجائب، مثلاً وظيفة مُدخل بيانات في نفس القطاع وبذات المهام تتفاجأ بتباين شروط القبول فيها من منشأة إلى أخرى، أحدهم يطلب مؤهلاً مرتفعًا وخبرة لسنوات طويلة، بينما الآخر يطلب تأهيلاً متوسطًا وخبرة أقل، وما ذاك إلا غيض من فيض حالة الفوضى التي تشهدها الإعلانات التوظيفية في ظل غياب نظام موحّد يشمل القطاعين العام والخاص ويضبط طرح الفرص الوظيفية على الرأي العام، ويُلزم المنشأة بالإفصاح عن نتائج إعلاناتها.
خطط توطين القطاعات المختلفة لا بد أن تسير بآلية متكاملة، وما المانع من إنشاء منصة رسمية تضم جميع الفرص الوظيفية المتاحة في القطاعين العام والخاص، وتصنّف حسب المجالات، وتخضع للرقابة اللازمة، وتضمن أيضًا وضع اشتراطات موحّدة تناسب كل مسمى وظيفي، وتُلزم الشركات بطرح الوظائف الشاغرة لديها عبر تلك المنصّة، وتُربط آليّا بحافز وجدارة، لإعلام من لديهم مؤهلات تتناسب مع الوظائف المطروحة بشكل دوري إمّا برسالة نصيّة أو على البريد الإلكتروني.
بإمكاننا خفض نسبة البطالة لدى الشباب بشكل ملموس وخلال أعوام قليلة إن استطعنا ضبط آلية طرح الفرص الوظيفية، ومكافحة إعلانات التوظيف الوهمية، وتوحيد الاشتراطات للوظائف المتماثلة، وإنشاء منصة موحدة لنشر الإعلانات التوظيفية الحقيقية، وبهذه الخطوات سنعزز من مستوى الشفافية، وستتوفر للكفاءات الوطنية مئات الآلاف من الوظائف المنسجمة مع مؤهلاتهم.