د. عبدالرحمن الشلاش
من الأمور التي قامت عليها هذه البلاد منذ توحيدها نبذ العنصرية بكل أشكالها وأنواعها، ومعاقبة من يحرض الناس على ممارستها، أو يحاول التفريق بين أبناء الوطن تحت أي شعار، أو ذريعة، وتحكيم ما يدعو له الدين من أخوة ومودة وتكاتف وتراحم، لا فرق بين مناطق ولا مدن ولا شعوب ولا قبائل فالجميع تحت طائلة النظام، وقد شهدنا في الشهور الماضية كيف أن العدالة قد طالت أشخاصاً لم يتوقع أحد بأن يأتي اليوم الذي يتم استدعائهم فيه وإيقافهم وخضوعهم للمساءلة.
في القرآن الكريم نداء للبشرية قاطبة ودون استثناء، وتطبيق للمساواة، وأن لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}. في هذه الآية الكريمة بيان وإيضاح بأن مقياس الفضل والكرامة للتقوى، وما عدا ذلك من تفاوت في الأنساب للشعوب والقبائل إنما الحكمة فيه التعارف، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه، وبالتالي فلا معنى لتلك الممارسات الموغلة في التخلف من اعتزاز بالقبيلة وصل إلى حد الطعن بالآخرين والتقليل من قدرهم.
مزاين الإبل تم إقراره ورغم ما كتب عنه من أن هناك من يؤجج العنصرية عن طريقه إلا أن هناك من دافع عنه بحكم أنه تظاهرة شعبية للحافظ على موروث عريق، ومثلما أن الدول الأخرى تحتفي بموروثاتها فمن حقنا أيضاً أن نقيم هذه التظاهرة السنوية للحفاظ على الإبل التي تمثل أحد مقومات أصالتنا وعراقتنا.
كان هذا الطرح مقبولاً ما دام أنه يجري في الإطار المرسوم من الجهات المسؤولة، لكن الأمور في الأيام الماضية خرجت عن السمت والهدوء إلى تأجيج العنصرية، وتشجيع الملاك المنتسبين للقبيلة ومن أجل القبيلة لا من أجل التنافس الشريف وتشجيع الفائز أيا كان جنسه أو لونه.
شاهدت مسيرات حاشدة تضم آلاف من البشر في مظاهر مؤسفة وازدحامات صاخبة تؤكد أن هذه التظاهرة في أمس ٌالحاجة للتنظيم ووضع الضوابط الصارمة كي تكون في إطار مناسب ومشرف.