د.دلال بنت مخلد الحربي
كلما نتعمق في قراءة كتب الرحالة، والرحالة الغربيين على وجه الخصوص سنجد مجالات كثيرة تستحق البحث، وتتطلب التنقيب إلى الاستزادة من المعلومات التي تخص قضايا وردت في رحلاتهم، وهي لاتقتصر على نمط واحد، بل هي شاملة ومتنوعة تمتد من البحث إلى الإشارات الجيولوجية والطبيعية والبيئة إلى أمور تتصل بعالم الحيوان بأنماطه من الزواحف إلى الطيور، ومن الحيوانات المفترسة إلى الحيوانات الأليفة،، وهي تغطي أيضاً شكل الملابس ونمطها، والمسكن بأنواعه، والمأكل والمشرب، والعادات والتقاليد.
ثم أن تلك المعلومات فيها ماينم عن حرص شديد عن رغبة في التعرف إلى الوضع الديني والاقتصادي والسياسي، وعلاقات الشعوب ببعضها، وقد تُشعرنا المعلومات على حرص الرحالة في أن يخرج بفهم دقيق للشعب والأمة التي يرحل بين ظهرانيها، وهو ماينم عن الاستفادة من واقع الشعوب لخدمة المصالح العامة للأمة التي ينتمي إليها.
وفِي النادر سنجد من يهدف إلى الاستمتاع بهذه الحياة التي يقضيها غريباً، متنقلاً بين الصحاري والجبال، صابراً على ضنك العيش وقسوته، غير عابيء بالأخطار التي تحدق به باعتباره غريباً، شكلاً ولغةً.
هذه الرحلات في مجملها تقدم لنا الرحالة الغربي على وجه الخصوص، صبوراً، شجاعاً، مخلصاً لأمته وقومه، ثم تكشف لنا مشاعره الإنسانية أو العدائية التي طغت عليه أثناء رحلته، ومع الاعتراف أن هناك دراسات جيدة عن الرحلات الغربية، إلا أننا في حاجة إلى ماهو أكثر من ذلك، ويأتي في المرتبة الأولى الترجمة الصادقة الدقيقة الأمينة، فهناك رحلات تُرجمت أكثر من مرة لتكشف عن عدم الدقة وعدم الأمانة وماطالها من حذف وتغير في المعنى أو إضافة عبارات وجمل غير موجودة في النص الأصل.
فيجب علينا اليوم أن نعمل على ترجمة الرحلات من خلال القادرين المتمكنين من اللغة العربية واللغة المترجم عنها، وتكثيف البحوث والدراسات على هذه الرحلات لاستخلاص أمور من مثل :
تطور الوضع البيئي والجغرافي والجيولوجي، ومعرفة التغيرات في السلوك والعادات، والاستفادة من ملاحظتهم ( أي الرحالة ) مع تقادم الزمن.
في المجمل أن الرحلات الغربية رغم مايشوب المترجم منها، إلا أنها مادة جميلة ثرية سواء اتفقنا مع كاتبها أو اختلفنا معه، وفيها من العبر الكثير مما يستفاد منه.