م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- كما أن كل إنسان آيل للموت فإن كل مؤسسة آيلة للسقوط.. فالموت والسقوط أمران حتميان.. والتاريخ أثبت لنا أن حضارات قامت وسادت ثم اندثرت وبادت كالفراعنة والإغريق والرومان والفرس والعرب وغيرها.. وكذلك الحال بالنسبة للمنشآت التجارية.
2- بذور السقوط تنشأ في ذروة عنفوان المنشأة وقوتها مما يجعل اكتشافها المبكر صعباً.. وحتى لو تم اكتشافها مبكراً فإن من طبيعة البشر استبعاد الشر وانتظار بذرة الفناء أن تفنى لحالها.. وهذا الذي يجعل من الفناء حقيقة كونية ثابتة.. والاختلاف الوحيد أن هناك من يعمر أطول من غيره ليس إلا.
3- هنا نتساءل: بما أن السقوط أمر حتمي فهل هناك سمات أو علامات يمكن من خلالها معرفة هل سيكون السقوط مبكراً أم متأخراً؟.. وهل يمكن تحاشي السقوط المبكر؟.. وهل يمكن عكس اتجاه مؤشرات السقوط إلى مؤشرات صعود وازدهار؟.. ومتى يجب عدم التدخل وترك المنشأة تموت بسلام؟
4- الغرور هو البذرة الأولى لسقوط الأشخاص والمنشآت والدول.. لأن الغرور يعمي فلا تعود ترى الأخطاء ولا المنافسين ولا الزمن.. أنت فوق الجميع لذلك فأنت تحتقرهم وتقلِّل من شأنهم وقدراتهم وتعظِّم من شأنك وقدراتك.. وتصل إلى مرحلة أنك ترى النجاح حقاً مكتسباً لا جدال عليه أو خوف.. ثم تبدأ في رؤية نجاحك أنه نتيجة كفاءة واستحقاق وأن نجاح الآخرين نتيجة حظ ومحسوبية.
5- المشكلة أن الغرور سوف يتجاوز المنافسين إلى العملاء.. فتبدأ بالنظر للعملاء على أنهم لن يستطيعوا الاستغناء عن منتجاتك أو خدماتك.. أيضاً الغرور يعميك عن فهم أسباب النجاح الحقيقية فلا ترى سوى المنتج أو الخدمة التي تقدّمها.. وتتوقف عن التعلم والاطلاع على كل جديد في المهنة والسوق والعملاء والمنتجات والخدمات والاحتياجات والظروف الاقتصادية والسياسية.
6- الغرور يدفع بالأشخاص والمنشآت إلى طلب المزيد.. وهذا الطلب ليس من خلال العمل الجاد، بل بالغطرسة العمياء.. فهم يندفعون دون تخطيط أو تفكير بطلب المزيد من الصعود والشهرة والتوسع في الحصة السوقية.. وكل ما فيه زيادة يريدونه حتى لو لم يكونوا قادرين على إنجازه.. مما يفقدهم البوصلة فتجدهم يقفزون في الظلام والثقة العمياء تملؤهم.
7- الغرور يؤدي إلى تجاهل الأخطاء والتحديات.. فتعمى بصائر القيادات عن إدراك صيحات التحذير ومؤشرات البيانات السلبية.. وينظرون إلى الصعوبات على أنها وقتية عابرة أو موسمية وليست دائمة.. وترتفع لديهم غريزة التبرير والتقليل من الإخفاقات.. والتهوين من الإشارات المنذرة بالأخطار على أنها صادرة عن جهات مغرضة وغير مسؤولة.. ويضع المدراء أهدافاً مبالغاً فيها.. ويجازفون بمقدرات المنشأة رغبة في القفز بها من حالة الخطر إلى حالة النجاح.