أمل بنت فهد
ثقة المستهلك بالمنتج معلقة بين جودة المنتج، والسعر الصادق، ولن أقول السعر المناسب، لأن مستهلك اليوم غير مستهلك الأمس الذي تستطيع أن تمرر عليه الزيادة دون أن يلحظ أو يشك، لأنه فعلياً كان لا يدري، وأمام الخيارات المحدودة كانت المنتجات تمارس مزاجية الأسعار، لكن اليوم الوضع اختلف جذرياً، لأن المستهلك بضغطة زر يستطيع أن يعرف سعر المنتج في كل مكان في العالم، ويستطيع أن يعرف تكلفته الحقيقية قبل أن يصل لرفوف العرض، فانقلبت المعادلة، لصالح الصدق والجودة.
ويبدو أن أصحاب المنتجات غارقون في سياسة البيع القديمة، وأغلب الظن أن تكدس السلع في مخازنهم بات قريباً، ومنها إلى تسريح عمالهم وموظفيهم، فليست المشكلة الوحيدة طريقة البيع، والتوصيل، بل الكارثة أن يفقد المستهلك ثقته في البضاعة المباعة، ومع اعتقاده أنه خُدع في السعر، فإنه بات يشك في مستوى جودة التخزين والتوزيع.
المشكلة ليست في اتجاه المستهلك إلى البضائع خارج الوطن، ولا أحد يلومه عندما يلمس الفرق الكارثي بين الأسعار، لأن لدينا قوة شرائية جبارة، المشكلة أن التاجر نائم في الماضي، وثقة المستهلك حين تهتز، فإنه يصعب استعادتها من جديد، نحن بحاجة إلى إعادة صياغة السوق لدينا، نحن بحاجة إلى مصداقية الأسعار، نحن بحاجة إلى الشراء من هنا، من داخل الوطن، لأننا نثق في التاجر، نثق في الجودة، نثق أنه لن يتم استغفالنا واستغلال محافظنا، فالأسواق العالمية سترحب، وستفتح الأبواب أمام المستهلك السعودي، والدليل أنها تنبهت واقتنصت الفرصة، لقد وضعت أمام المستهلك كل الحلول الممكنة من أجل أن يطلب، حتى خوفه من الدفع قبل الاستلام تكفلت به، وبات باستطاعة المستهلك أن يطلب وينتظر، ويستلم ثم يدفع، وتبقى الأسعار معقولة، وليس فيها تلك الزيادات واللصوصية.
من يلاحظ توجهات المستهلك يعرف أن التجار موعودون بسيل جارف من الخسائر، وليس من صالح أحد أن يتجه المستهلك السعودي إلى سوق آخر، إنها كارثة وبطالة ستطل علينا إن لم يغير التجار طريقتهم، إن لم يقبلوا بالمكاسب المنطقية وليست الجنونية.
لتزدهر أسواقنا، ولا تسافر أموالنا خارج الوطن، لابد أن يفهم التجار أن الحل بأيديهم، فمن يعلق جرس الوطنية، ويعيد للمستهلك ثقته بالسوق المحلي، قبل أن يضطر لبيع منتجاته بأقل من سعرها، ويخسر.
المستهلك تغير، فلا بد أن تتغير أيها التاجر.