ناصر الصِرامي
تبدأ ألمانيا تنفيذ قانون جديد، يطالب مواقع التواصل الاجتماعي باتخاذ إجراءات سريعة لإزالة المواد غير القانونية، والأخبار الكاذبة التي تحرض على الكراهية.
وقد تواجه المواقع التي لا تزيل المنشورات «الواضح عدم قانونيتها» دفع غرامات مليونية باليورو. ورغم انتقادات منظمة الأمن والتعاون الأوربية للقانون الألماني بحجة أنه فضفاض بدرجة قد تؤثر على حرية التعبير، ودعا المشرعين لدراسة تعديله.
ورغم -أيضا- منشادة المنظمة الأوروبية السلطات الألمانية أن «تتخذ خطوات لضمان التطبيق الحذر للقانون، وتقييم تأثيراته، لأنه الآن وبشكله الحالي قد يكون للقانون تأثير سلبي على حرية التعبير». حيث سيسمح للسلطات بمعاقبة شبكات مثل فيسبوك أو تويتر إذا لم تمسح سريعًا التدوينات التي تحض على الكراهية.. إلا أن ألمانيا مضت قدما وباشرت التطبيق!
يمنح القانون شبكات التواصل الاجتماعي 24 ساعة لإزالة أو حجب المحتوى الإجرامي بشكل واضح، و7 أيام للتعامل مع الحالات الأقل وضوحًا، كما يلزمها بإرسال تقرير إلى الشخص الذي قدم الشكوى تشرح فيه كيف تعاملت مع الأمر.
وقد يؤدي الفشل إلى تغريم الشركة ما يصل إلى 50 مليون يورو (59 مليون دولار)، وتغريم الممثل الرئيسي للشركة في ألمانيا ما يصل إلى 5 ملايين يورو.
وألمانيا التي تطبق بعضًا من أشد القوانين، التي تشمل التشهير والتحريض العلني على ارتكاب جرائم أو التهديد بالعنف، وتصدر أحكامًا بالسجن على من ينفي المحرقة أو يحرض على كراهية الأقليات -مثلا- لكن قلة فقط من الحالات الإلكترونية وصلت للمحاسبة!.
وكانت الدعوة إلى الحفاظ على النظام في مواقع التواصل الاجتماعي قد تزايدت باستمرار مع حالة فوضى لا يستهان بها، وتدفق حر لكل المعلومات والأخبار الزائفة والكاذبة والمرجفة، إضافة إلى نشر خطاب كراهية خطر، بين الأديان والمذاهب وحتى الأعراق ولون البشرة!.
ومع انتشار ملفت لمعلومات عن استخدام هذه الشبكات في الدعايات السياسية، ونشرها مواد حساسة علانية،كما استمرار الحال في المواجهة الإلكترونية والإعلامية الأشهر اليوم بين روسيا وأمريكا!
وكان سياسيون في بريطانيا، انتقدوا بشدة مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفوها بأنها «عار»، قائلين بأنها تؤدي واجبها «بطريقة مخجلة»، فيما يتعلق بمراقبة خطاب الكراهية والمحتوى غير اللائق.
وزارة العدل الألمانية أكدت أنها ستتيح على موقعها استمارات يستطيع المواطنون استخدامها في الإبلاغ عن أي محتوى فيه انتهاك للقانون- المسمى (نيتس دي جي).
التقارير الصحفية تحدثت الأسبوع الماضي عن شركة «فيسبوك» - وهي من المعنيين جدًا وأولى بالقانون الألماني، إلى جانب تويتر ويوتيوب، وقد وظفت بالفعل عدة مئات من العاملين في ألمانيا للتعامل مع التقارير بشأن المنشورات المخالفة. كما ستدرب في أوربا نحو مليون شخص للتعامل مع الأخبار الكاذبة والمحتوى المحرض على الكراهية.
يبقى القانون الألماني هو أكثر ما اتخذته الحكومات والهيئات من جهود مباشرة وصارمة، لكبح جماح وفوضى والاستغلال السياسي لمواقع التواصل الاجتماعي.
خطورة الأخبار الزائفة وخطابات الكراهية أنها متشابهة في التحريض والإخلال بالسلم الاجتماعي والأمن واللحمة الوطنية، لذا تبدو الآن مواجهة هذا العالم الافتراضي وتصفية الفضاء، مرحلة تحول مهمة لتصبح هناك قدرة على الفصل بين وهم هذه الشبكات والمستخدمين المزيفين أيضًا، وبين الحقيقيين وممن يعبرون عن آرائهم بمسؤولية وثقة وبعض الحرية أيضًا.. دون كذب أو تزييف أو خداع سياسي أو كراهية.. مع توفير فرص الاستثمار الأمثل لهذه الشبكات..!
هل يصل للبعض هذا القانون ..؟!